للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• خالفه فأوقفه:

معاذ بن معاذ العنبري، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي [وهم ثقات حفاظ]:

فرووه عن حميد، عن أَنس؛ أنَّه كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع. لفظ معاذ.

أخرجه البخاري في رفع اليدين (١٣٠ و ١٦٨)، وابن أبي شيبة (١/ ٢١٣/ ٢٤٣٣)، وابن المنذر في الأوسط (٣/ ١٣٨/ ١٣٨٦).

هكذا موقوفًا على أنس من فعله، وهو الصواب.

قال الترمذي: "قال محمد [يعني: البخاري]: وعبد الوهاب الثقني: صدوق صاحب كتاب، وقال غير واحد من أصحاب حميد: عن حميد عن أَنس، فِعلُه".

وقال الدارقطني: "لم يروه عن حميد مرفوعًا غير عبد الوهاب، والصواب: من فعل أَنس"، وهو كما قال، فرواية الحفاظ مقدمة على رواية عبد الوهاب الثقفي.

وقد تعقبه الضياء المقدسي صاحب المختارة، بعد أن أسنده في مختارته (٦/ ٥٣ / ٢٠٢٧) من طريق: يزيد بن هارون، عن حميد الطويل، عن أَنس بن مالك، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع.

فقال: "فرواية يزيد بن هارون مما يقوي رواية عبد الوهاب، والله أعلم"، ثم قال: "إنما يريد الدارقطني تفرد الثقفي بذكر الرفع في السجود".

قلت: هذا المثال مما يُظهر فضل المتقدم على المتأخر، وأنه ينبغي على المتأخر أن لا يعترض على من تقدمه من الأئمة - لا سيما مع شدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم؛ بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك، والتسليم لهم فيه [انظر: النكت على ابن الصلاح لابن حجر (٢/ ٧٢٦)]- حتَّى تلوح له القرائن الواضحة المبينة، المقترنة بأقوال أو إشارات بعض معاصريهم، بحيث يمكن الجزم معها بأن الإمام قد فاته ما يمكن الاستدراك به عليه، والله أعلم.

وكلام الضياء هنا غير وجيه؛ لأسباب؛ منها: جزم الدارقطني بأن الثقفي هو المتفرد برفع هذا الحديث عن حميد، وأن غيره قد أوقفه، وهذا مع شدة فحصه، وسعة روايته، فكان ينبغي على الضياء أن يتثبت من صحة الطريق إلى يزيد أولًا، فكما قالوا: ثبت العرش ثم انقش، ومنها: عدم إشارة الدارقطني إلى أن تفرد الثقفي إنما كان بذكر الرفع في السجود دون ما عداه من الحديث، ومنها: أن الحديث المرفوع لو كان معروفًا من طريق يزيد بن هارون لاشتهر عند أئمة هذا الشان، ولأدخلوه في مصنفاتهم، لعلو إسناده، وصحته [وقد أخرج البخاري والترمذي والنسائي - من أصحاب الكتب الستة - بهذه الترجمة تسعة أحاديث (٨٠٨ - ٨١٦ - التحفة)، صحح منها البخاري ثلاثة (٣٧٨ و ٨٤٧ و ٣٥٧٥)، وصحح الترمذي منها أربعة (١٠٥٨ و ٢٨٤١ م و ٣٠٠٣ و ٣٢٠١) ومنها: عدم صحة

<<  <  ج: ص:  >  >>