للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال البيهقي: "وقوله: "دمر" يعني: دخل بغير إذنهم" [وانظر: القاموس (٥٠٣)].

وثور بن يزيد: حمصي قدري، ثقة ثبت في الحديث.

• وحاصل هذا الاختلاف: أن الطريق الثاني لا يصح عن يزيد بن شريح؛ فإن السفر بن نسير: ضعيف، لا يعتبر به.

وأما الأول والثالث: فمحفوظان عن يزيد، فالذين رووه عنه ثقات حفاظ، وتبرئتهم من الوهم فيه أولى من تبرئة يزيد بن شريح، وإن كان إسناد حديث ثوبان: أجود وأشهر، كما قال الترمذي، فقد رواه عن يزيد اثنان من الثقات، وتفرد بالآخر ثور بن يزيد.

قال الدارقطني في العلل (٨/ ٢٨٢/ ١٥٦٨) بعد أن سرد الاختلاف في هذا الحديث: "والصحيح: عن معاوية بن صالح، عن السفر، عن يزيد بن شريح، عن أبي أمامة.

وعن حبيب بن صالح، عن يزيد بن شريح، عن أبي حي، عن ثوبان".

فلا أدري ما السبب في ترجيح الدارقطني رواية السفر [على ضعفه] على رواية ثور [على تثبته وضبطه]، مع كون كل منهما بلدي لشيخه، والطريق إليهما صحيح ثابت، إلا أن يكون مراده بيان المحفوظ عن معاوية بن صالح، فإن ثمة اختلاف وقع عليه، أو لكون الإسناد الذي رجحه كله شامي، والله أعلم.

وأيًّا كان: فإن هذا الحديث ضعيف، لا يصح ولا يثبت مثله، فإن مداره على يزيد بن شريح الحضرمي، روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يعقوب بن سفيان: "حدثنا محمد بن مصفى، قال: حدثنا بقية، قال: حدثنا حبيب بن صالح -وهو حسن الحديث-، عن يزيد بن شريح -وهو من صالحي أهل الشام، حضرمي-"، وقال الدارقطني: "حمصي يعتبر به" [انظر ترجمته: الجرح والتعديل (٩/ ٢٧١)، الثقات (٥/ ٥٤١)، المعرفة والتاريخ (٢/ ٣٥٥)، سؤالات البرقاني (٥٥٨)، تاريخ دمشق (٦٥/ ٢٣٤)، الميزان (٤/ ٤٢٩)، تاريخ الإسلام (٧/ ٢٧٧)، التهذيب (٩/ ٣٥١)، وغيرها].

فمثل هذا وإن كان كما قال الذهبي: "تابعي، صالح الحديث"؛ إلا أنه لا يُقبل ما تفرد به من أصل وسُنَّة، فإن هذا الحديث لا يعرف إلا به، ولم يأت النهي عن اختصاص الإمام نفسه بالدعاء دون المأمومين إلا من طريقه؛ فكيف وقد جاء في السُّنَّة الصحيحة ما يعارضه، مما أخرجه الشيخان، واشتهر بين أهل العلم بالحديث صحته.

قال أبو داود: "هذا من سنن أهل الشام، لم يشركهم فيها أحد".

وقال ابن عبد البر في التمهيد: "ومثل هذا الخبر لا تقوم به حجة عند أهل العلم بالحديث".

وقال في الاستذكار (٢/ ٢٩٧): "وقد رُوي من حديث الشاميين في هذا الباب حديث: لا حجة فيه؛ لضعف إسناده، منهم من يجعله عن أبي هريرة، ومنهم من يجعله عن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يحل لمؤمن أن يصلي وهو حاقن جدًّا".

وقال ابن خزيمة في صحيحه (٣/ ٦٣): "باب الرخصة في خصوصية الإمام نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>