نمير، فرووه عن وكيع، ولم يقولوا فيه: ثم لم يعد، وكذلك رواه معاوية بن هشام أيضًا عن الثوري، مثل ما قال الجماعة عن وكيع.
وليس قول من قال: ثم لم يعد: محفوظًا".
وقال أيضًا: "هذا الحديث لم يثبت عندي"؛ يعني: حديث الثوري [البدر المنير (٣/ ٤٩٣)].
وقال أبو عبد الله الحاكم: "وهذه اللفظة: ثم لم يعد: غير محفوظة في الخبر" [مختصر الخلافيات (٢/ ٧٥)، نصب الراية (١/ ٣٩٥)، البدر المنير (٣/ ٤٩٣)].
وقال البيهقي في المعرفة (١/ ٥٥١): "وقد رواه عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب، فذكر فيه: رفع يديه حين كبر في الابتداء، ولم يتعرض للرفع ولا لتركه بعد ذلك، وذكر تطبيق يديه بين فخذيه، وقد يكون رفعهما فلم ينقله، كما لم ينقل سائر سنن الصلاة.
وقد يكون ذلك في الابتداء قبل أن يشرع رفع اليدين في الركوع، ثم صار التطبيق منسوخًا، وصار الأمر في السُّنَّة إلى رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه، وخفيا جميعًا على عبد الله بن مسعود".
وقال في السنن: "فإن كان الحديث على ما رواه عبد الله بن إدريس؛ فقد يكون عاد لرفعهما فلم يحكه، وإن كان على ما رواه الثوري؛ ففي حديث ابن إدريس دلالة على أن ذلك كان في صدر الإسلام؛ كما كان التطبيق في صدر الإسلام، ثم سُنَّت بعده السنن، وشُرِعت بعده الشرائع، حفظها من حفظها وأداها، فوجب المصير إليها، وبالله التوفيق".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٢١٩): "أما حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه كان لا يرفع يديه في الصلاة إلا مرة في أول شيء، فهو حديث انفرد به عاصم بن كليب، واختلف عليه في ألفاظه، وقد ضعَّف الحديثَ أحمدُ بن حنبل، وعلَّله، ورمى به"، ثم نقل بعض كلامه من رواية ابنه عبد الله والأثرم عنه.
قلت: لم يضعِّف الإمام أحمد حديث عاصم بن كليب كلَّه، لكنه ضعَّف رواية وكيع، وأعلَّها برواية ابن إدريس، فدل على احتجاجه بحديث ابن إدريس عن عاصم بن كليب، والله أعلم.
وقال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ١٥٠): "وفي ثبوت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قد ذكرناه عنه في أول الباب مستغنى عن قول من سواه [يعني: حديث ابن عمر المتفق عليه، وحديث علي بن أبي طالب المتقدم برقم (٧٤٤)، وما كان في معناهما]، فإن اعتلَّ مُعتلٌّ بخبرٍ رُوي عن ابن مسعود؛ أنه كان يرفع إذا افتتح الصلاة، فلو ثبت هذا عن ابن مسعود، لم يكن حجةً على الأخبار التي ذكرناها؛ لأن عبد الله إذا ما حفظ، وحفظ علي بن أبي طالب وابن عمر وغيرهما، وأبو حميد في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الزيادةَ التي ذكرناها عنهم، فغيرُ جائزٍ تركُ الزيادة التي حفظها هؤلاء من أجل أن ابن مسعود لم يحفظها، خفيت تلك الزيادة عليه؛ كما خفي عليه السُّنَّة في وضع اليدين على الركبتين،