وكان يطبق يديه على فخذيه، وتبعه عليه أصحابه، والسُّنَّة التي نُقِل الناسُ إليها: وضع اليدين على الركبتين.
فلما جاز أن يخفى مثل هذه السُّنَّة التي عليها المسلمون اليوم جميعًا -لا نعلمهم اليوم يختلفون فيه- على ابن مسعود، ليجوز أن يخفى عليه ما حفظه أولئك، وأقل ما يجب على من نصح نفسه أن ينزِّل هذا الباب منزلة اختلاف أسامة وبلال في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، أثبتَ بلالٌ صلاةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، ونفى ذلك أسامةُ، وحَكَم الناسُ لبلالٍ لأنه شاهدٌ، ولم يحكموا لأسامة لأنه نفى شيئًا حفظه غيره.
وكذلك يجب أن يكون حالُ حديث ابن مسعود في اقتصاره على ما حفظه، وحالُ من حفظ ما لم يحفظه ابن مسعود: أن تَثبُت الزيادة التي زادوها؛ لأنهم حفظوا ما لم يحفظ عبد الله بن مسعود، وهذا الذي قلناه بيِّنٌ واضح لمن وفقه الله للقول بالصواب واتباع السنن".
وقال الخطابي في معالم السنن (١/ ١٦٧): "والأحاديث الصحيحة التي جاءت بإثبات رفع اليدين عند الركوع، وبعد رفع الرأس منه: أولى من حديث ابن مسعود، والإثبات أولى من النفي.
وقد يجوز أن يذهب ذلك على ابن مسعود كما قد ذهب عليه الأخذ بالركبة في الركوع، وكان يطبق بيديه على الأمر الأول، وخالفه الصحابة كلهم في ذلك".
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (٣/ ٢٤): "وأحاديث رفع اليدين في المواضع الأربع: أصح وأثبت، فاتباعها أولى".
وانظر: مختصر الخلافيات للبيهقي (٢/ ٧٦)، بيان الوهم (٣/ ١١٠٩/٣٦٥).
• ولحديث ابن مسعود طريق أخرى:
فقد روى إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا محمد بن جابر، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومع أبي بكر وعمر، فلم يرفعوا أيديهم إلا عند افتتاح الصلاة.
وفي رواية: فلم يرفعوا أيديهم بعد التكبيرة الأولى.
أخرجه أبو يعلى (٨/ ٤٥٣/ ٥٠٣٩)، والعقيلي في الضعفاء (٤/ ٤١)، وابن حبان في المجروحين (٢/ ٢٧٠)، وابن عدي في الكامل (٦/ ١٥٢)، والإسماعيلي في معجم شيوخه (٢/ ٦٩٣)، والدارقطني (١/ ٢٩٥)، والبيهقي في السنن (٢/ ٨٠)، وفي المعرفة (١/ ٥٥٢/ ٧٨٣)، والخطيب في التاريخ (١١/ ٢٢٤)، وابن الجوزي في التحقيق (٤٢٤)، وفي الموضوعات (٢/ ٢٢)، وعلقه البخاري في رفع اليدين (١٩٣).
قال أحمد في العلل ومعرفة الرجال (١/ ٣٧٢/ ٧١٦): "هذا ابن جابر أيش حديثه؟ هذا حديث منكر"، قال عبد الله عن أبيه: "أنكره جدًّا".
وذكره عبد الله في مسائله لأبيه (٢٦٩)، ثم قال: "سألت يحيى عن محمد بن جابر؟