للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوقت سعة، فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة، صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز تأخيرها ... ، وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور، لكن يستحب إعادتها ولا يجب".

قال العلامة ابن باز -رحمه الله تعالى- معلقًا على فتح الباري (٢/ ١٦١) [الأحاديث (٦٧١ - ٦٧٤)]: "الأولى عدم استحباب الإعادة؛ لأن من صلى كما أمر فليس عليه إعادة، فقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، والله أعلم وقال الشيخ: "هذه الأحاديث وما في معناها: تدل على أن المشروع للمؤمن أن يعتني بحاجته قبل إتيان الصلاة، حتى لا تشغل باله بغيرها، وهذا من تعظيمها أن أمر بإزالة ما قد يشغله" [الحلل الأبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (١/ ٢١٥)].

والدليل على صرف النهي عن التحريم إلى الكراهة حديث عائشة: "لا صلاة بحضرة الطعام" قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٢٠٦): "قد أجمعوا أنه لو صلى بحضرة الطعام فأكمل صلاته ولم يترك من فرائضها شيئًا أن صلاته مجزية عنه، فكذلك إذا صلاها حاقنًا فأكمل صلاته، وفي هذا دليل على أن النهي عن الصلاة بحضرة الطعام من أجل خوف اشتغال بال المصلي بالطعام عن الصلاة وتركه إقامتها على حدودها، فإذا أقامها على حدودها خرج من المعنى المخوف عليه، وأجزأته صلاته لذلك".

قال ابن عبد البر (٢٢/ ٢٠٥): "واختلف الفقهاء فيمن صلى وهو حاقن: فقال ابن القاسم عن مالك: إذا شغله ذلك فصلى كذلك، فإني أحب أن يعيد في الوقت وبعده. وقال الشافعي وأبو حنيفة وعبيد الله بن الحسن [قلت: وكذا الحنابلة]: يُكره أن يصلي وهو حاقن، وصلاته جائزة مع ذلك؛ إن لم يترك شيئًا من فرضها ... ، وقال الطحاوي: لا يختلفون أنه لو شغل قلبه بشيء من أمر الدنيا لم تستحب له الإعادة؛ كذلك إذا شغله البول".

وختم الكلام بقوله: "الذي نقول به: أنه لا ينبغي لأحد أن يفعله، فإن فعل وسلمت له صلاته أجزأت عنه، وبئسما صنع".

وقال في الاستذكار (٢/ ٢٩٧): "وقد أجمعوا أنه لو صلى بحضرة الطعام فأكمل صلاته ولم يترك من فرائضها شيئًا: أن صلاته مجزية عنه، وكذلك إذا صلى حاقنًا فأكمل صلاته، وفي هذا دليل على أن الصلاة بحضرة الطعام إنما هو لأن لا يشتغل قلب المصلي بالطعام فيسهو عن صلاته ولا يقيمها بما يجب عليه فيها، وكذلك الحاقن، وإن كنا نكره لكل حاقن أن يبدأ بصلاته في حالته؛ فإن فعل وسلمت صلاته جزت عنه، وبئس ما صنع، والمرء أعلم بنفسه، فليست أحوال الناس في ذلك سواء، ولا الشيخ في ذلك كالشاب، والله أعلم".

وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٢/ ٤٩٤ - ٤٩٥): "وتأوله بعض أصحابنا على أنه إن شغله حتى لا يدري كيف صلى فهو الذي يعيد قبل وبعد، وأما إن شغله شغلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>