• وقد اختلف في صحابي هذا الحديث -حتى على الرواة المذكورين عن معاوية بن صالح- اختلافًا شديدًا، وأخشى أن يكون بعضه تصحيفًا، فمنهم من قال: الحارث بن غطيف، أو: غطيف بن الحارث الكندي، ومنهم من قال: غضيف بن الحارث، أو: الحارث بن غضيف، ومنهم من لم يذكر شك معاوية فيه، فقال: غطيف بن الحارث الكندي، ومنهم من قال: غضيف بن الحارث، ومنهم من قال: الحارث بن غطيف، ومنهم من قال: الحارث بن غضيف، ومنهم من قال: الحارث بن غظيف، وقيل غير ذلك.
ولأجل هذا الاختلاف فقد ترجم له من صنف في الصحابة في أكثر من موضع، وأخرجوا له في كل مرة هذا الحديث بعينه.
قال أبو حاتم وأبو زرعة:"الصحيح أنه غضيف بن الحارث" [الجرح والتعديل (٧/ ٥٤)]، وأخرج البخاري حديثه في ترجمة غضيف بن الحارث من التاريخ الكبير، وقال في التاريخ الأوسط (١/ ١٨٩/ ٨٨٨ و ٨٨٩): "أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال الثوري في حديثه: غطيف بن الحارث، وهو وهم".
وترجم له أحمد في الأسامي والكنى (٣٥١) بقوله: "غضيف بن الحارث، أبو أسماء"، وكذا قال في العلل ومعرفة الرجال (٣١٦ و ١٢٠٣)، وكذا في المسند في الموضع الأول، وفي الثاني:"غطيف بن الحارث".
وترجم له ابن حبان في الصحابة من ثقاته (٣/ ٣٢٦)، وقال:"غضيف بن الحارث اليماني، أبو أسماء السكوني الأزدي، من أهل اليمن، رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - واضعًا يده اليمنى على اليسرى في الصلاة، سكن الشام، حديثه عند أهلها، ومن قال إنه الحارث بن غضيف فقد وهم"، ثم ترجم له مرة أخرى في ثقات التابعين (٥/ ٢٩١) من روايته عن عائشة وأبي الدرداء.
وهذا هو قول أكثر أهل العلم؛ أنه: غضيف بن الحارث [انظر: تاريخ دمشق (٤٨/ ٦٩ - ٨٣)].
والذي يظهر لي أن الأئمة جزموا بأنه: غضيف بن الحارث من مجموع مروياته، فقد روى غضيف عدة أحاديث، وأما هذا الحديث بعينه فالأقرب عندي أن الاختلاف فيه مرجعه إلى معاوية بن صالح نفسه، وهو الحضرمي الحمصي: صدوق، له إفرادات وغرائب وأوهام، وهذا من تخليطه، والله أعلم.
وممن رجح أنه الحارث بن غطيف: ابن معين [فيما حكاه عنه ابن السكن، وابن عبد البر]، والطبراني، وابن منده، وابن السكن، وقال:"ومن قال فيه: غضيف؛ فقد صحف" [الاستيعاب (١/ ٢٩٨) و (٣/ ١٢٥٣ و ١٢٥٤)، الإصابة (١/ ٥٨٦ و ٥٩١) و (٥/ ٢٧٦ و ٣٢٣)].
• وقد اختلف في غضيف بن الحارث، فمنهم من صرح بصحبته، أو اكتفى بعَدِّه في الصحابة، مثل: أحمد بن حنبل، والبخاري، وأبي حاتم، وابنه، وأبي زرعة، وابن أبي