للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن البخاري قد صرح في تاريخه الكبير (٧/ ١٣) بسماع عون من أبي هريرة، فقال: "سمع أبا هريرة"، وقال ابن المديني: "قال عون: صليت خلف أبي هريرة" [التهذيب (٣/ ٣٣٩)]، وأبو هريرة أقدم وفاة من ابن عمر بما لا يقل عن (١٤) سنة، فسماع عون من ابن عمر أولى، فكيف يقال بأنه لم يره؟!

ثم إن ابن حبان نفسه لما ترجم لعونٍ في ثقاته (٥/ ٢٦٣)، قال بعدما شكَّك في سماع عون من أبي هريرة: "وقد أدرك ابنَ أبي أوفى وأبا جحيفة"، ووفاة أبي جحيفة قريبة جدًّا من وفاة ابن عمر إن لم يكونا في عام واحد، فكيف يُثبِت إدراكه لأبي جحيفة، وينفيه عن ابن عمر؟!

ورواية ابن لهيعة -والتي فيها إثبات السماع- يستأنس بها في ذلك، تقوي هذا المعنى وتعضده؛ فإن ابن لهيعة وإن كان ضعيفًا إلا أن حديثه يكتب في الشواهد والمتابعات، مع كونه لا يصلح حجة بنفسه في إثبات السماع، والله أعلم.

ويقطع ذلك: ما نقله ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٦/ ٣٨٤) عن أبيه في ترجمة عون بن عبد الله، حيث قال: "سمع أبا هريرة وابن عمرا، ويبدو لي -والله أعلم- أنه سقط ذكر ابن عمر من بعض نسخ تاريخ البخاري، فإنه من المعلوم أن ابن أبي حاتم إنما ينقل أصل ترجمة الراوي من التاريخ الكبير للبخاري، ثم يزيد عليها من كلام أبيه وأبي زرعة، وغيرهما من الأئمة، ومن كلامه أيضًا، ويؤكد ما قلته: أن ابن حجر قد نقل في التهذيب (٣/ ٣٣٩) عن البخاري قوله: "سمع أبا هريرة وابن عَمرو"، لكن يبدو لي أن الواو زائدة، وإنما هو: ابن عُمر، كما في الجرح والتعديل، والله أعلم.

وبتصريح أبي حاتم هذا -مع ما سبق ذكره من دلائل- فقد ثبت اتصال الحديث، وعدم انقطاع، خلافًا لما ذهب إليه ابن حبان، والله أعلم.

• وله إسناد آخر عن ابن عمر:

يرويه: معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: أتى رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، فقال حين وصل إلى الصف: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: "من صاحب الكلمات؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله! [والله] ما أردت بهن إلا الخير، فقال: "لقد رأيت أبواب السماء تفتح لهن".

قال ابن عمر - رضي الله عنه -: فما تركتهن بعدما سمعتهن.

أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٧٦/ ٢٥٥٩)، وعنه: ابن أبي عمر العدني في مسنده (٤/ ٥١/ ٤٦٣ - مطالب) (٢/ ٣٣٠/ ١٨١٠ - إتحاف الخيرة).

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل الرجل المبهم، وهي متابعة صالحة.

• وله شاهد من حديث ابن أبي أوفى:

يرويه عبيد الله بن إياد بن لقيط [ثقة]، عن أبيه [تابعي ثقة]، عن عبد الله بن سعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>