وقد أورد عبد الحق الإشبيلي حديث عبد الأعلى في الأحكام الوسطى (١/ ٣٧١)، وسكت عنه مصححًا له.
فتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (٤/ ١٥٣/ ١٥٩٨) بقوله: "وسعيد بن أبي عروبة مشهور الاختلاط، وعبد الأعلى لا يُعرف متى سمع منه".
قلت: قد رواه عنه: يزيد بن زريع، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط، وقد رواه عن الحسن أيضًا: يونس بن عبيد، وأشعث الحمراني، وحميد الطويل [وانظر: شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (٥/ ٢٣٨)].
• ورواه عن سعيد بن أبي عروبة به مختصرًا بدون ذكر موضع السكتتين:
غندر محمد بن جعفر [ثقة، وهو ممن سمع من ابن أبي عروبة بعد الاختلاط]، وعباد بن العوام [ثقة، في روايته عن ابن أبي عروبة اضطراب. شرح علل الترمذي (٢/ ٧٤٦)]، والمطعم بن المقدام الصنعاني [شامي، ثقة، من الطبقة السادسة، والإسناد إليه: شامي، ليس بأس به].
أخرجه أحمد (٥/ ٧)، والطبراني في الكبير (٧/ ٢١١/ ٦٨٧٦)، وفي مسند الشاميين (٢/ ٥٨/ ٩١٥).
وكذا ابن المظفر في غرائب حديث شعبة (١٢١) [من طريق عباد بن العوام] [لكن تصحف على بعض الرواة: سعيد إلى شعبة، وهو خطأ، وأظن الواهم فيه: العباس بن صالح بن علي بن مساور الحراني: لم يوثقه غير ابن حبان (٨/ ٥١٤)، وكلام ابن القطان الفاسي فيه يدلُّ على جهالته عنده (٣/ ٢٦٧/ ١٠١٧ - بيان الوهم)].
• وعلى هذا فقد اختلفت رواية يزيد بن زريع، ورواية عبد الأعلى ومكي:
أما رواية يزيد ففيها: أن سمرة حفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكتتين: سكتةً إذا كبر، وسكتةً إذا فرغ من قراءته عند ركوعه، فعاب ذلك عليه عمران بن حصين، فكتبوا إلى أُبي بن كعب في ذلك، فكتب أبي: صدق سمرة، ويقول: إن سمرة حفظ الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
هكذا روى الحديث مرفوعًا ببيان السكتتين، وأن السكتة الثانية عند فراغه من القراءة قبل الركوع.
وأما رواية عبد الأعلى ومكي ففيها: أن سمرة، قال: سكتتان حفظتهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،. . . وذكرا باقي القصة، إلا أنهما جعلا بيان موضع السكتتين من قول قتادة، مقطوعًا عليه، ولم يسنداه، مع تردد قتادة في السكتة الثانية؛ أهي بعد الفاتحة، أم بعد السورة وقبل الركوع.
والأقرب عندي: أن هذه الرواية مما حدَّث به سعيد بعد اختلاطه، لا سيما مع وقوع هذا التردد فيها، حيث اتفقت رواية مكي [وهو متأخر الطبقة] مع رواية عبد الأعلى، بينما خالفتهما رواية يزيد بن زريع، وهو: ثقة ثبت متقن، إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وهو