للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الزيلعي في نصب الراية (١/ ٣٣٠): "وكل ألفاظه ترجع إلى معنى واحد، يصدق بعضها بعضًا".

• وأما قولهم بأن المراد بحديث أنس هذا اسم السورة؛ فسيأتي رده مفصلًا بعد استيفاء ذكر شواهد حديث أنس.

• وأما استدلالهم بالرواية التي رواها الدارقطني وغيره: عن أنس قال: كنا نصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فكانوا يفتتحون بأم القرآن فيما يجهر به، فقد تقدم بيان حكمها، وأنها رواية شاذة [راجع ما كتب تحت الطريق الخامسة من طرق حديث قتادة عن أنس].

• وأما استدلالهم بأنه قد ثبت الجهر بالبسملة عن أنس وغيره، فهو استدلال ساقط، إذ لا يصح عن أنس في هذا الباب خلاف ما رواه عنه أصحابه الثقات [كما تقدم بيانه]، وما هي إلا روايات شاذة أو منكرة لا تقوم بها حجة؛ فضلًا عن أن يُعارض بها ما صححه الشيخان، وسيأتي الكلام عن بقية أحاديث الجهر مفصلًا قريبًا إن شاء الله تعالى.

• وأما قول ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٢٣٠) بعد أن ذكر الاختلاف في لفظ حديث أنس: "وهذا اضطراب لا يقوم معه حجة لأحد من الفقهاء"، فليس بمقبول منه؛ إذ يكفينا تصحيح الشيخين البخاري ومسلم لهذا الحديث، فهما إماما هذا الفن، مع عدم قيام المعارض الدال على تضعيفه، إذ ليس مع الخصم حجة قوية في تضعيف هذا الحديث وردِّه، ولا يُعَدُّ مثل هذا اختلافًا قادحًا، فإن قول أنس: كانوا يستفتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، هو معنى قوله: فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ [أو قال: يجهر بـ]: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فأي اضطراب في هذا؟!، كما أن ابن عبد البر جمع إلى الألفاظ المحفوظة ما ليس بمحفوظ من حديث أنس، مثل رواية من قال فيه: كانوا لا يتركون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وهي غير محفوظة من حديث أنس، فلا يُعلُّ الصحيح الثابت المحفوظ بالمنكر أو الشاذ، وكذا فعل الخطيب في مصنفه في الجهر، حيث جمع من طرق أنس ما فيه التصريح بالجهر بالبسملة، وكلها طرق واهية ساقطة، لا يُعارض بمثلها الثابت الصحيح، والله أعلم [انظر: النكت لابن حجر (٢/ ٧٥٣)].

كما أن ابن عبد البر قد ناقض نفسه حيث حكم عليه بالاضطراب في هذا الموضع، ثم هو في موضع آخر من التمهيد (٢٠/ ٢٠٢) يقول: "فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يفتتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} "، وكذا في الاستذكار (١/ ٤٥٤).

ومثله تصرف الخطيب البغدادي في كتابه الجهر بالبسملة ص (٥٤ - مختصره) حيث قال: "وقد اختلف في لفظ هذا الحديث أصحابُ شعبة: عليه اختلافًا شديدًا، وإنما اعتبرنا هذه الألفاظ المختلفة، فوجدنا ذكر التسمية غير ثابت"، ثم احتج على ذلك برواية أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>