للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسلمة، ولما جعل الخطيب اختلاف أصحاب شعبة عليه علةً لأصل الحديث؛ قال الذهبي متعقبًا إياه: "هذا هوى وغلو منه".

ولما احتج الخطيب برواية أبي مسلمة على رد حديث قتادة، قال الذهبي: "سأله عن افتتاح الصلاة بالبسملة، وفي اللفظ الآخر عن قراءتها، وما في ذلك ما يدل على أنه سأله عن الجهر بها، فيحتمل أنه سأله عن الجهر، فقال له: تسألني عن شيء ما سألني عنه أحد، على سبيل التعجب والإنكار، كما إذا سأل الشخص عن أمر واضح فيقال له ذلك، ويحتمل أنه سأله عن قراءتها سرًّا قبل الحمد، ولم يكن عند أنس علمٌ من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها سرًّا أم لا، فلذلك قال: لتسألني عن شيء لا أحفظه، ويحتمل أنه سأله عن الجهر بها، فقال له: لا أحفظ الجهر بها؛ أي: ما حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجهر بها، فيكون الضمير في: لا أحفظه، عائدًا إلى المسؤول عنه، وقد صح عن شعبة أنه قال في روايته عن قتادة عن أنس: قلت لقتادة: أسمعته من أنس؟ قال: نحن سألناه عنه، فعلم أن الذي سألوا عنه أنسًا فرواه لهم هو الاستفتاح بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وأن الجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لم يحفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".

وقال في السير (٢١/ ١٧١) في حديث أبي مسلمة: "هذا حديث حسن غريب، وهو ظاهر في أن أبا مسلمة سعيد بن يزيد سأل أنسًا عن الصلوات الخمس: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح، -يعني: أول ما يحرم بالصلاة- بدعاء الاستفتاح، أم بالاستعاذة، أم بالحمد لله رب العالمين؟ فأجابه أنه لا يحفظ في ذلك شيئًا.

فأما الجهر وعدمه بالبسملة فقد صح عنه من حديث قتادة وغيره عن أنس؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا لا يجهرون بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ".

ويؤيد كلام الذهبي رواية حجاج بن محمد: قال شعبة: قال قتادة: سألت أنس بن مالك: بأي شيء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح القراءة؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما سألني عنه أحد [عند أحمد (٣/ ١٧٦)].

وقال ابن حجر في النكت (٢/ ٧٦٠) بعد أن ساق رواية الطيالسي عن شعبة في إثبات السماع وسؤال قتادة، قال: "فهذا اللفظ صريح في أن السؤال كان عن عدم سماع القراءة [يعني: بالبسملة] لا عن سماع الاستفتاح بأي سورة"، وقال نحوه في الفتح (٢/ ٢٢٨).

وقال أيضًا (٢/ ٧٦٢) في الجمع بين حديث قتادة عن أنس، وحديث أبي مسلمة عن أنس: "فوضح بذلك أن سؤال قتادة ليس مخالفًا لسؤال أبي مسلمة، فطريق الجمع بينهما أن يقال: إن سؤال أبي مسلمة كان متقدمًا على سؤال قتادة، بدليل قوله في روايته: لم يسألني عنه أحد قبلك، فكأنه كان إذ ذاك غير ذاكر لذلك، فأجاب بأنه لا يحفظه، ثم سأله قتادة عنه فتذكر ذلك، وحدثه بما عنده فيه".

• وله شواهد من حديث:

١ - عائشة:

يرويه بُدَيل بن ميسرةَ، عن أبي الجَوزاء، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>