عبد الرحيم بن محمد السكري، وعبد الرحيم هذا: بغدادي، وثقه الدارقطني [تاريخ بغداد (١١/ ٨٦)، تاريخ الإسلام (١٦/ ٢٦٠)].
وقد روي عن ابن عمر خلاف ذلك مرفوعًا وموقوفًا، وإنما يصح عنه موقوفًا، ويأتي ذكره في آخر الباب القادم في شواهد أحاديث من قال بالجهر بالبسملة.
٤ - ابن مسعود:
قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (١/ ١٧): حدثنا أبو الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي رحمه الله، قال: حدثنا الحضرمي، قال: حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا معاوية بن هشام، عن محمد بن جابر، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد الله، قال: ما جهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة مكتوبة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ولا أبو بكر، ولا عمر - رضي الله عنهما -.
وهذا إسناد حسن غريب إلى محمد بن جابر اليمامي، والحضرمي هو: الحافظ مطين، محمد بن عبد الله بن سليمان، وشيخ الجصاص: فقيه معتزلي رأس في الاعتزال، وإليه انتهت رياسة أصحاب أبي حنيفة في وقته، والجصاص من كبار تلامذته [تاريخ بغداد (١٠/ ٣٥٣)، السير (١٥/ ٤٢٦)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٣٧)، اللسان (٥/ ٣٢١)].
قال النووي في المجموع (٣/ ٣٠١): "ضعيف؛ لأنه من رواية محمد بن جابر اليمامي عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود، ومحمد بن جابر: ضعيف باتفاق الحفاظ، مضطرب الحديث، لا سيما في روايته عن حماد بن أبي سليمان، هذا وفيه ضعف آخر: وهو أن إبراهيم النخعي لم يدرك ابن مسعود بالاتفاق، فهو منقطع ضعيف، وإذا ثبت ضعفه من هذين الوجهين لم يكن فيه حجة،. . .".
وقال الزيلعي في نصب الراية (١/ ٣٣٥): "وهذا حديث لا تقوم به حجة، لكنه شاهد لغيره من الأحاديث، فإن محمد بن جابر تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وإبراهيم لم يلق عبد الله بن مسعود، فهو ضعيف ومنقطع، والحضرمي هو: محمد بن عبد الله الحافظ المعروف بمطين، وشيخه ابن العلاء هو: أبو غريب الحافظ، روى عنه الأئمة الستة بلا واسطة، والله أعلم".
قلت: هو حديث منكر بهذا الإسناد؛ ومحمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي: ضعيف؛ وكان قد ذهبت كتبه في آخر عمره، وعمِي، وساء حفظه، وكان يُلقَّن، ويُلحَق في كتابه [انظر: التهذيب (٣/ ٥٢٧)، الميزان (٣/ ٤٩٦)]، قال الإمام أحمد:"محمد يروي أحاديث مناكير، وهو معروف بالسماع، يقولون: رأوا في كتبه لحقًا، حديثه عن حماد فيه اضطراب" [الجامع في العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٦١/ ٤١٧٦)]، وقد سبق أن تكلمت على هذا الإسناد تحت الحديث رقم (٧٤٩).