وقال في الاستذكار (١/ ٤٣٧): "وهو أقطع حديث وأثبته في ترك قراءة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول فاتحة الكتاب؛ لأن غيره من الأحاديث قد تأولوا فيها فأكثروا التشغيب والتنازع" [وانظر أيضًا: نصب الراية (١/ ٣٣٩)].
وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٢٨٥): "وهذا يدل على أنه لم يذكر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ولم يجهر بها".
ثم استدل بهذا الحديث على أنها ليست آية من الفاتحة، ثم قال: "فلو كانت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آية لعدها وبدأ بها، ولم يتحقق التنصيف؛ لأن آيات الثناء تكون أربعًا ونصفًا، وآيات الدعاء اثنتين ونصفًا، وعلى ما ذكرنا يتحقق التنصيف".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا الحديث صحيح صريح في أنها ليست من الفاتحة، ولم يعارضه حديث صحيح صريح" [المجموع (٢٢/ ٢٧٧)، [وانظر أيضًا: "٢٢/ ٣٥٠ و ٤٢٢)].
• قال البيهقي في المعرفة (١/ ٥٠٧): "هذا الحديث يرويه عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة: شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، وروح بن القاسم، وأبو غسان محمد بن مطرف، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن يزيد البصري، وجهضم بن عبد الله.
ورواه مالك بن أنس، وابن جريج، ومحمد بن إسحاق بن يسار، والوليد بن كثير، ومحمد بن عجلان، عن العلاء عن أبي السائب عن أبي هريرة.
وكأنه سمعه منهما جميعًا، فقد رواه أبو أويس المدني عن العلاء بن عبد الرحمن قال: سمعت من أبي وأبي السائب جميعًا، وكانا جليسين لأبي هريرة، قالا: قال أبو هريرة".
ثم قال: "وقد حكم مسلم بن الحجاج بصحة الإسنادين جميعًا".
وقال ابن عبد البر في الإنصاف (١١): "والقول عندي في ذلك: مثل هذا الاختلاف لا يضر؛ لأن أبا السائب ثقة، وعبد الرحمن أبا العلاء ثقة أيضًا، فعن أيهما كان فهو من أخبار العدول التي يجب الحكم بها".
• قلت: خالف هؤلاء جميعًا؛ فأتى فيه بزيادة منكرة:
ابن سمعان، فرواه عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، غير تمام"، قال: فقلت: يا أبا هريرة! إني ربما كنت مع الإمام، قال: فغمز ذراعي، ثم قال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله عز وجل: إني قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها له، يقول عبدي إذا افتتح الصلاة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فيذكرني عبدي، ثم يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فأقول: حمدني عبدي، ثم يقول: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فأقول: أثنى عليَّ عبدي، ثم يقول: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فأقول: مجدني عبدي، ثم يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فهذه الآية بيني وبين عبدي نصفين، وآخر السورة لعبدي، ولعبدي ما سأل".