أخرجه أحمد (١/ ٢٥٧ - ميمينة) (٢/ ٢٣٦٨/٥٧٢ - ط المكنز)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (١/ ٢٥٧ - ميمينة) (٢/ ٢٣٦٨/٥٧٢ - ط المكنز)، والضياء في المختارة (١١/ ٣١٥/ ٣١٨).
قلت: وهذا إسناد صحيح، على شرط البخاري [انظر: التحفة (٦٠٣٣ و ٦٠٣٤)].
• وله إسناد آخر:
يرويه سفيان الثوري، عن سلمة بن كُهَيل، عن الحسن العُرَني، عن ابن عباس، قال: ما أدري أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر، أم لا؟ ولكنا نقرأ.
أخرجه أحمد (١/ ٢٣٤)، وابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٣١٨/ ٣٦٣٧) و (٢/ ٢٦٢/ ٨٧٩٤)، وفي المسند (٢/ ٣٤٩/ ١٨٤٩ - إتحاف الخيرة)، والطبراني في الكبير (١٢/ ١٣٩/ ١٢٧٠٠).
قال البخاري: "لم يسمع الحسن من ابن عباس"، وكذا قال أحمد وابن معين [العلل ومعرفة الرجال (٣١)، التاريخ الأوسط (١/ ٢٩٦/ ١٤٤١)، المراسيل (١٥٥)، الجرح والتعديل (٣/ ٤٥)، تحفة التحصيل (٧٧)].
وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين الحسن العرني وابن عباس؛ إلا أنه صالح في المتابعات.
• ويؤيد ثبوت هذا عن ابن عباس، وهو أن مذهبه كان ترك القراءة في السرية:
ما رواه أيوب السختياني، عن عكرمة، قال: لم يكن ابن عباس يقرأ في الظهر والعصر، قال [يعني: ابن عباس]: قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أُمِرَ أن يقرأ فيه، وسكت فيما أُمِرَ أن يسكتَ فيه، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤].
أخرجه البخاري (٧٧٤)، وأحمد (١/ ٣٣٤ و ٣٦٠)، واللفظ له، وابن قتيبة في غريب الحديث (٢/ ٣٣٨).
قال ابن الأثير في النهاية (٤/ ٣١): "وفي حديث ابن عباس: أنه كان لا يقرأ في الظهر والعصر، ثم قال في آخره: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}: معناه أنه كان لا يجهر بالقراءة فيهما، أو لا يسمع نفسه قراءته، كانه رأى قومًا يقرؤون فيُسمِعون أنفسهم ومن قرُب منهم، ومعنى قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} يريد: أن القراءة التي تجهر بها أو تُسمِعُها نفسك يكتبها الملكان، وإذا قرأتها في نفسك لم يكتباها، والله يحفظها لك ولا ينساها ليجازيك عليها"، وقد سبقه إلى هذا التأويل: ابن قتيبة الدينوري، والإسماعيلي، والخطابي.
قال الخطابي في أعلام الحديث (١/ ٥٠٢): "قوله: وسكت فيما أمر: يريد أنه أسرَّ القراءة لا أنه تركها، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزال إمامًا فلا بد له من القراءة سرًّا وجهرًا، ومعنى قوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} وتمثله به في هذا الموضع: هو أنه لو شاء أن ينزل ذكر بيان أفعال الصلاة وأقوالها وهيئاتها حتى يكون قرآنًا متلوًّا لفعل، ولم يترك ذلك عن نسيان،