عمرو، أو: ذكر عمرو [صحيح ابن خزيمة (١٣٧)، مسند أحمد (٢/ ٢١٦ و ٢١٧)، سنن الدارقطني (٣/ ٢١٤)].
وقد احتج بابن إسحاق أصحاب السنن الأربعة وغيرهم، وصحح له الترمذي (٢٣ و ١١٥ و ١٥٤ و ١٨٩ و ٣٩٨ و ٥٢٦ و ٥٤٣ و ١١٣٩ و ١٢٦٧ و ١٤٩٧ و ١٧٤٢ و ١٩٢٠ و ٣٠٤٥ و ٣٠٩٧ و ٣١٦٦)، وصحح له أيضًا: ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم، وقدَّم الدارقطني رواية ابن إسحاق على بعض الضعفاء في عمرو بن شعيب [العلل (١٥/ ١٦٢/ ٣٩٢٢)].
بل صرح الإمام علي بن المديني بصحة حديثه عنده، قال يعقوب بن شيبة:"سألت عليًّا: كيف حديث ابن إسحاق عندك، صحيح؟ فقال: نعم، حديثه عندي صحيح، ... ، إن حديثه ليتبين فيه الصدق، يروي مرةً: حدثني أبو الزناد، ومرةً: ذكر أبو الزناد، وروى عن رجل عمن سمع منه، يقول: حدثني سفيان بن سعيد، عن سالم أبي النضر، عن عمر: صوم يوم عرفة، وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول: حدثني الحسن بن دينار، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، في: "سلف وبيع"، وهو من أروى الناس عن عمرو بن شعيب" [تاريخ بغداد (١/ ٢٢٩)، السير (٧/ ٤٤ و ٥١)، الميزان (٣/ ٤٧٥)].
قلت: فإذا كان ابن إسحاق عادته التدليس عن الضعفاء والمجاهيل، بحيث يسقطهم دائمًا من الإسناد فيما بينه وبين من سمع منه من شيوخه، فلماذا يُعلن باسمائهم، لا سيما شديدو الضعف منهم، مثل الحسن بن دينار، وهو متروك، كذبه غير واحد [اللسان (٣/ ٤٠)]، أفما كان الأحرى به أن يدلسه، ويجود إسناده، لا سيما وقد سمع كثيرًا من عمرو بن شعيب؟!
وهذه القرينة من كلام ابن المديني لتدلُّ على قلة تدليس ابن إسحاق في سعة روايته، وأنه لم يكن دائمًا يدلس أسماء الضعفاء، بل يصرح بأسمائهم أحيانًا دون أن يُسأل عن ذلك، فإن الغالب على المدلس أنَّه لا يبوح باسم من حدثه بالحديث من الضعفاء الذين دلس عنهم الحديث إلا إذا ألجؤوا إلى ذلك بالسؤال ونحوه، وهذا يؤكد قول ابن المديني:"إن حديثه ليتبين فيه الصدق".
قال محمد بن يحيى الذهلي:"سمعت علي بن المديني يقول: محمد بن إسحاق صدوق، والدليل على صدقه: أنَّه ما روى عن أحد من الجلة إلا وروى عن رجل عنه؛ فهذا يدل على صدقه" [الثقات لابن حبان (٧/ ٣٨٤)].
قال ابن حبان:"فلو كان ممن يستحل الكذب لم يحتج إلى الإنزال؛ بل كان يحدث عمن رآه ويقتصر عليه، فهذا مما يدل على صدقه، وشهرة عدالته في الروايات" [الثقات (٧/ ٣٨٤)].
قلت: المدلس إذا أسقط ضعيفًا فيما بينه وبين شيخه الَّذي سمع منه، ورواه بصيغة محتملة للسماع مثل: عن؛ لم يكن بذلك مستحلًا للكذب، بل الَّذي يقال في مثل هذا: أن