بقوله:"ولا يتابع عليه"؛ يعني: بهذا اللفظ، وقال الذهبي في ترجمة جعفر من تاريخ الإسلام (٩/ ٩٤): "من مناكيره: حديث وهيب: ثنا جعفر بن ميمون، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن ينادي: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وما زاد""، والله أعلم.
• فإن قيل: قد توبع على روايته في هذا الحديث:
فقد روى أبو يوسف القلوسي [يعقوب بن إسحاق بن زياد البصري: ثقة حافظ. تاريخ بغداد (١٤/ ٢٨٥)، السير (١٢/ ٦٣١)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٤٩٢)]: ثنا معلى بن أسد [ثقة]: نا منصور بن سعد، عن عبد الكريم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة؛ أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنادى في طرق المدينة:"ألا صلاة إلا بقراءةٍ، ولو بفاتحة الكتاب".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (٤٦) بإسناد صحيح إلى أبي يوسف.
ثم قال: ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن أبي يحيى محمد بن عبد الرحيم [صاعقة: ثقة حافظ]، عن معلى، بإسناده هذا، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره فنادى في طريق المدينة:"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".
قلت: هو إسناد غريب، عبد الكريم الَّذي يروي عن أبي عثمان النهدي هو: ابن رُشيد البصري [وهو: صدوق]، ولا يُعرف لابن مالك الجزري رواية عن أبي عثمان، كما أنَّه لا يُعرف لمنصور بن سعد البصري صاحب اللؤلؤ [وهو: ثقة] رواية عن عبد الكريم أيًا كان، وإن كان معلى بن أسد من طبقة تلاميذ منصور إلا أنَّه أيضًا غير معروف بالرواية عنه، والحاصل: فإن رجال هذا السند مع كونهم من أهل البصرة، ويعرفون بالصدق في الحديث، إلا أنَّه لا تُعرف لبعضهم رواية عن بعض، مع كونهم من بلد واحد؛ إلا في هذا الحديث الواحد، فهذا وجه غرابته، ولهذا فهذه المتابعة لا تغني شيئًا، ولا تقوي رواية جعفر بن ميمون، والله أعلم.
• وروى الطبراني في الأوسط (٩/ ١٥٩/ ٩٤١٥)، بإسناد صحيح إلى: كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الكريم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنادي في أهل المدينة:"إن في كل صلاة قراءة، ولو بفاتحة الكتاب".
قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن الحجاج إلا إبراهيم بن طهمان".
قلت: لا أظنه يثبت عن إبراهيم؛ فإن الراوي عنه هنا، وأظنه هو المتفرد به: كنانة بن جبلة، قال عثمان بن سعيد الدارمي:"وسألت يحيى [يعني: ابن معين]، قلت: كنانة بن جبلة الَّذي كان يكون بخراسان من أهل الحديث؟ قال: ذاك كذاب خبيث"، قال عثمان:"وهو قريب مما قال يحيى، خبيث الحديث"، وقال الجوزجاني:"ضعيف الأمر جدًّا"، وقال ابن حبان:"كان مرجئًا، يقلب الأخبار، وينفرد عن الثقات بالأشياء المعضلات"، وقال ابن عدي:"ومقدار ما يرويه غير محفوظ"، وقال الأزدي: "متروك