وعلى أن قوله: فانتهى الناس عن القراءة إلى آخره: ليست من الحديث، بل هي من كلام الزهري مدرجة فيه، هذا متفق عليه عند الحفاظ المتقدمين والمتأخرين، منهم: الأوزاعي، ومحمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وأبو داود، والأخطابي، والبيهقي، وغيرهم".
• قلت: لم يقع الاتفاق على تضعيف هذا الحديث:
فقد قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وابن أكيمة الليثي اسمه عمارة، ويقال: عمرو بن أكيمة".
وقال أبو حاتم في ابن أكيمة: "هو صحيح الحديث، حديثه مقبول" [الجرح والتعديل (٦/ ٣٦٢)].
وإذا كان لا يصح له غير هذا الحديث، فإن هذا الحكم إنما ينسحب على حديثه هذا، فكان أبا حاتم قال عن هذا الحديث: هو حديث صحيح، وذلك تبعًا لتصحيح حديث راويه الَّذي ليس له غير هذا الحديث، وحديث آخر مختلف فيه على الزهري، والصواب فيه إسقاط ذكر ابن أكيمة منه، والله أعلم.
وعليه: فإن هذا الحديث قد صححه أبو حاتم الرازي، وابن حبان، وحسنه الترمذي، واحتج به مالك وأبو داود والنسائي، فكيف يقال بعد ذلك بأن الأئمة اتفقوا على ضعف هذا الحديث؟!
• وإن كان حجة الذين ضعفوه لا تخرج عن أحد أمرين:
الأول: جهالة ابن أكيمة، والثاني: مخالفته لحديث أبي السائب عن أبي هريرة.
فيقال: هي حجة داحضة:
أما الأُولى: فإن الذين جهَّلوا ابن أكيمة هم الشافعية، نصرة لمذهبهم، والذين ضعفوا حديثه، وهو الحميدي، وفي المقابل:
فقد وثقه ابن معين، لكنه جعل عمارة بن أكيمة، وحفيده: عمرو بن مسلم بن عمارة بن أكيمة، جعلهما رجلًا واحدًا [انظر: تاريخ ابن معين للدوري (٣/ ١٣٢/ ٥٥٠) و (٣/ ١٧٦/ ٧٨٢) و (٣/ ٢٤٩/ ١١٦٩)].
والصواب: التفريق بينهما، فقد فرق بينهما: البخاري في التاريخ الكبير (٦/ ٣٦٩ و ٤٩٨)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٦/ ٢٥٩ و ٣٦٢)، وابن حبان في الثقات (٥/ ١٦٩ و ٢٤٢)، وفي الصحيح (٥/ ١٥٨) و (١٣/ ٢٣٨)، وفي مشاهير علماء الأمصار (٥٠٤)، وغيرهم.
وقال العجلي، وابن حبان: "ثقة" [معرفة الثقات (٢٠٨٣ و ٢٢٩٢)، صحيح ابن حبان (٥/ ١٥٨)].
وقد ذكره ابن البرقي فيمن لم تشتهر عنه الرواية، لكن احتُملت روايته لرواية الثقات عنه، ولم يُغمز، ثم نقل عن ابن معين قوله: "كفى قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث