للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١١/ ٢٧): "وفقه هذا الحديث الَّذي من أجله نُقِلَ، وجاء الناسُ به: تركُ القراءة مع الإمام في كل صلاة يجهر فيها الإمام بالقراءة، ففي هذا الحديث دليل واضح على أنَّه لا يجوز للمأموم فيما جهر فيه إمامه بالقراءة من الصلوات أن يقرأ معه، لا بأُم القرآن، ولا بغيرها؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستثن فيه شيئًا من القرآن".

يعني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لي أنازع القرآن".

وقال في الاستذكار (١/ ٤٦٤): "وفقه هذا الحديث الَّذي من أجله جيء به: هو ترك القراءة مع الإمام فيما جهر فيه الإمام بالقراءة، فلا يجوز أن يقرأ معه إذا جهر لا بأُم القرآن ولا بغيرها على ظاهر هذا الحديث وعمومه".

وقال في التمهيد (١١/ ٥٣): "في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن شهاب عن ابن أكيمة عن أبي هريرة: "ما لي أنازع القرآن": دليل على أن القراءة خلف الإمام إذا أسر الإمام في صلاته بالقراءة: جائزة؛ لأنَّ المنازعة في القرآن إنما تكون مع الجهر لا مع السر".

قلت: إذا جهر المأموم ورفع صوته، فقد شوش على المصلين ونازع الإمام قراءته جهرًا كان أو سرًّا.

وقال في الاستذكار (١/ ٤٦٤): "وفي إجماع أهل العلم على أن قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} لم يُرِد كل موضع يسمع فيه القرآن، وإنما أراد الصلاة؛ أوضح الدلائل على أنَّه لا يقرأ مع الإمام فيما جهر فيه".

وقال في التمهيد (١١/ ٣٠): "في قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} مع إجماع أهل العلم أن مراد الله من ذلك في الصلوات المكتوبة؛ أوضح الدلائل على أن المأموم إذا جهر إمامه في الصلاة أنَّه لا يقرأ معه بشيء، وأن يستمع له وينصت، وفي ذلك دليل على أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" مخصوص في هذا الموضع وحده؛ إذا جهر الإمام بالقراءة، لقول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، وما عدا هذا الموضع وحده فعلى عموم الحديث، وتقديره: لا صلاة؛ يعني: لا ركعة، لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب؛ إلا لمن صلى خلف إمام يجهر بالقراءة، فإنه يستمع وينصت".

وقال في التمهيد (١١/ ٢٨): "وقال آخرون: يقرأ مع الإمام فيما أسر فيه، ولا يقرأ فيما جهر فيه، وهو قول: سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله، وسالم بن عبد الله بن عمر، وابن شهاب، وقتادة، وبه قال مالك وأصحابه، وعبد الله بن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وداود بن علي، والطبري؛ إلا أن أحمد بن حنبل قال: إن سمع لم يقرأ، وإن لم يسمع قرأ، ... ، وأوجبوا كلهم القراءة فيما إذا أسر الإمام، وروي عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، على اختلاف عنهم في القراءة في ما أسر الإمام دون ما جهر، وعن عثمان بن عفان، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمر مثل ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>