وهذا إسناد غريب، ويونس بن أبي إسحاق: ليس به بأس، لكنه ليس بالقوي في أبيه، في حديثه عن أبيه اضطراب، ضعَّف أحمد حديثه عن أبيه، وقال: "حديثه مضطرب" [التهذيب (٤/ ٤٦٦)، الميزان (٤/ ٤٨٣)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧١١ و ٨١٣)]، وقد تفرد عن أبيه بالطرف الأول، وتوبع على الثاني:
• تابعه على شقه الثاني: إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: خرجت في حاجةٍ، ونحن يسلِّم بعضنا على بعض في الصلاة، ثم رجعت فسلمت، فلم يَرُدَّ عليَّ، وقال: "إن في الصلاة شغلًا".
أخرجه الطحاوي (١/ ٤٥٥)، والطبراني في الكبير (١٠/ ١١٢/ ١٠١٣١).
وهذا إسناد صحيح، وإسرائيل ثبت في جده أبي إسحاق.
قال الترمذي عن حديث يونس: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟
فقال: لا أعرفه إلا من هذا الوجه من حديث يونس بن أبي إسحاق".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله إلا يونس بن أبي إسحاق".
وقال ابن عبد البر: "هذا يحتمل أن يكون هذا في صلاة الجهر وهو الظاهر؛ لأنهم لا يخلطون إلا برفع أصواتهم، فلا حجة فيه للكوفيين، وكذلك من قال: إنما نهاهم عما عدا فاتحة الكتاب بعيد قوله، وغير ظاهر معناه في هذا الحديث".
وقال البخاري في معناه: "علت أصواتكم، فشغلتموني برفعها فوق صوتي، فخلطتم عليَّ" [خلق أفعال العباد (١١١)].
وقال أبو العباس بن تيمية: "فهذا كراهة منه لمن نازعه وخالجه وخلط عليه القرآن، وهذا لا يكون ممن قرأ في نفسه بحيث لا يسمعه غيره، وإنما يكون ممن أسمع غيره، وهذا مكروه لما فيه من المنازعة لغيره، لا لأجل كونه قارئًا خلف الإمام، وأما مع مخافتة الإمام فإن هذا لم يرد حديث بالنهي عنه" [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٨٤)].
• وأما شقه الثاني في التسليم في الصلاة فهو ثابت من طرق أخرى:
فقد رواه الشيخان من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فيردُّ علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يردَّ علينا، فقلنا: يا رسول الله! إنا كنا نسلم عليك [في الصلاة] فتردُّ علينا؟ قال: "إن في الصلاة شُغْلًا".
أخرجه البخاري (١١٩٩ و ١٢١٦ و ٣٨٧٥)، ومسلم (٥٣٨)، ويأتي تخريجه في السنن برقم (٩٢٣) إن شاء الله تعالى.
• وقد روى سفيان الثوري، وشعبة، وأبو الأحوص، وسفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد، وأيوب السختياني، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وروح بن القاسم، وزائدة بن قدامة [وهم ثقات]: