قال: ثنا بكر، قال: ثنا عيسى، عن محمَّد، عن عطاء، عن عائشة، فاستفدنا منه كنية شيخه، ولم أهتد إليه أيضًا.
ولا أظن هذا إسنادًا يثبت.
• وروى عمرو بن حوشب [هو عمر بن حوشب الصنعاني: ليس بالمشهور، تقدم ذكره قريبًا]، قال: أخبرني عبد الله بن أبي يزيد؛ أنَّه رأي عمر وابن عمر يقعيان بين السجدتين.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ١٩١/ ٣٠٣١).
عبد الله بن أبي يزيد المذكور هو: عبيد الله بن أبي يزيد المكي، وهو تابعي ثقة، معروف بالرواية عن ابن عباس وابن عمر، وذكر عمر في هذا الأثر ليس له معنى، فإنَّه لا يُعرف في الإقعاء شيء عن عمر، وسن عبيد الله لا يحتمل إدراك عمر ولا رؤيته، فإنَّه ولد بعد وفاته بأكثر من خمسة عشر عامًا، ويبدو أن الوهم فيه من عمر بن حوشب، حيث قلبه وجعله عن عمر بدل ابن عباس، والله أعلم.
• وروي أيضًا عن ابن عمر موقوفًا عليه من طرق أخرى فيها ضعف [عند: ابن أبي شيبة (١/ ٢٥٥/ ٢٩٤٢ - ٢٩٤٤)، والطحاوي في المشكل (١٥/ ٤٨٣)، والبيهقيُّ (٢/ ١١٩ - ١٢٠)].
• وروي الإقعاء بين السجدتين أيضًا من طرق فيها ضعف، من فعل جماعة من الصحابة، مثل: جابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن الزبير [عند: ابن أبي شيبة (١/ ٢٥٥)، والطحاوي في المشكل (١٥/ ٤٨٣)].
• والحاصل: فإن الإقعاء على القدمين بين السجدتين قد ثبت أنَّه من السُّنَّة من حديث ابن عباس، وصح موقوفًا من فعل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير، والله أعلم.
• فإن قيل: قول ابن عباس في وصف هذا الإقعاء بأنّه سُنَّة، معارض بما ثبت عن ابن عمر بأنّه ليس من سُنَّة الصلاة:
فقد روى مالك، عن صدقة بن يسار، عن المغيرة بن حكيم؛ أنَّه رأى عبد الله بن عمر يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه، فلما انصرف ذكر ذلك له؟ فقال: إنها ليست بسُنَّة الصلاة، وإنما أفعل ذلك من أجل أني أشتكي.
وهو موقوف بإسناد صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث السابق (٨٤٤).
فيقال: المثبت أولى من النافي، لما معه من زيادة علم، وابن عباس لن يخبر بأن هذا الإقعاء هو سُنَّة نبينا - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد شاهده يفعله، فكلٌّ قد أخبر بما علم، ومن علم حجة على من لم يعلم.
وقد يقال: إنما أراد ابن عمر أن الجلوس بين السجدتين على هذه الهيئة لم تكن عادته - صلى الله عليه وسلم -، فإن أكثر الأحاديث قد ذكرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفترش رجله اليسرى وينصِب رجله اليمنى، كما سيأتي بيانه.