للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (٢٥٥)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (٦٦١)، وابن عساكر في المعجم (٥٥٠).

• والجلسة الأخيرة المذكورة في حديث هلال الوزان هذا هي الجلسة التي يجلسها الإمام بعد السلام مستقبل القبلة، قبل انصرافه بوجهه إلى الناس، وعليها بوَّب النسائي، واستدل بها القاضي عياض في إكمال المعلم (٢/ ٣٨٦): "على مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمصلاه بعد التسليم شيئًا، وأنه لم يكن يبادر القيام بإثر التسليم، ولا يطيل المكث،. . ."، وقال ابن رجب في الفتح (٥/ ٢٦٧): "فهذا الحديث صريح في أنَّه كان يجلس بعد تسليمه قريبًا من قدر ركوعه أو سجوده أو جلوسه بين السجدتين، ثمَّ ينصرف بعد ذلك" [وانظر أيضًا: شرح مسلم للنووي (٤/ ١٨٨)].

• قلت: اختلف في هذا الحديث على عبد الرحمن بن أبي ليلى:

أ - فرواه الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجوده، وإذا رفع رأسه من الركوع، وبين السجدتين [زاد بدل بن المحبر عن شعبة: ما خلا القيام والقعود]: قريبًا من السواء.

ب - وخالفه: هلال بن أبي حميد الوزان، فرواه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: رمقتُ الصلاةَ مع محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فوجدت قيامَه، فركعتَه، فاعتدالَه بعد ركوعه، فسجدتَه، فجلستَه بين السجدتين، فسجدتَه، فجلستَه ما بين التسليم والانصراف: قريبًا من السواء.

هكذا زاد هلال بن أبي حميد الوزان في هذا الحديث: القيام، والجلسة بين التسليم والانصراف، ولم يأت بهما الحكم بن عتيبة في روايته، حيث اقتصر الحَكَم على أربعة أركان فقط وهي: الركوع، والرفع منه، والسجود، والرفع منه.

• والذي يظهر لي - والله أعلم - أن رواية هلال الوزان وهمٌ؛ لأمور:

الأوّل: أن الحكم بن عتيبة أثبت بكثير من هلال الوزان، فإن الوزان: وثقه ابن معين والنسائيُّ، وقال أبو داود: "لا بأس به"، وذكره ابن حبَّان في الثقات [التهذيب (٤/ ٢٨٨)، تاريخ الإِسلام (٨/ ٢٨٥)، موضح أوهام الجمع (١/ ١٨١) وأما الحكم بن عتيبة فإنَّه: ثقة ثبت، إمام فقيه، قد اتفق الأئمة على توثيقه وإمامته، وقد وثقه: ابن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائيُّ، والعجلي، وابن سعد، ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبَّان في الثقات، وقد قال فيه جماعة منهم: "ثقة ثبت"، ونعته الذهبي بقوله: "الإمام الكبير، عالم أهل الكوفة" [التهذيب (١/ ٤٦٦)، الجرح والتعديل (٣/ ١٢٣)، السير (٥/ ٢٠٨)].

الثاني: أن الحكم بن عتيبة قد اشتهر بالفقه، وأقواله مبثوثة في المصنفات، حتى قيل فيه: "ما بين لابتيها أفقه من الحكم"، وهذا بخلاف الوزان فلم يُعرف عنه شيء من ذلك، ولا شك أن رواية الفقيه في مثل هذا الموضع أولى من رواية غير الفقيه؛ لأنهم اعتبروا

<<  <  ج: ص:  >  >>