للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مثل: يعقوب بن شيبة، وأبي داود، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن أبي حاتم، وغيرهم] إطلاق ابن معين لها على جرح الراوي جرحًا شديدًا، إلا أن ابن معين قد يستعملها أحيانًا لبيان قلة حديث الراوي، كما ذهب إلى ذلك الحاكم وابن القطان الفاسي [انظر: تاريخ ابن معين للدوري (٢/ ١٤٠)، تاريخ ابن معين للدارمي (٣٨٦)، ملخص مسند عمر ليعقوب بن شيبة (٣٢ - تلخيص أحمد بن أبي بكر الطبراني الكاملي)، الجرح والتعديل (٣/ ٣٢١)، سؤالات الآجري (٣٥٥)، الكامل لابن عدي (٢/ ٤٢٣)، بيان الوهم (٥/ ٣٧٧/ ٢٥٤٥)، التهذيب (٣/ ٤٦١)، هدي الساري (٤٢١)، الرفع والتكميل (٢١٢)، التنكيل (١/ ٤٩ و ٤٢٢)، يحيى بن معين وكتابه التاريخ (١/ ١١٥)، مباحث في علم الجرح والتعديل (٥٩)].

قال العلامة المعلمي اليماني في طليعة التنكيل (١/ ٤٩): "أن ابن معين قد يقول: ليس بشيء، على معنى قلة الحديث، فلا تكون جرحًا، وقد يقولها على وجه الجرح كما يقولها غيره فتكون جرحًا، فإذا وجدنا الراوي الذي قال فيه ابن معين: ليس بشيء، قليل الحديث، وقد وُثِّق، وجب حمل كلمة ابن معين على معنى قلة الحديث لا الجرح، وإلا فالظاهر أنها جرح".

ويمكن حمل كلام ابن معين في هذا الموطن على معنى قلة الحديث: فإن أبا الأحوص مقلٌّ، وقد روى بهذا الإسناد حديثين معروفين قد رُويا من وجوه آخر، فكان الأولى بابن القطان أن يقول فيه مثل ما قال في بكار بن عبد العزيز: "وما روى ابن أبي خيثمة عن ابن معين من قوله فيه: ليس بشيء، إنما يعني بذلك: قلة حديثه، وقد عُهِد يقول ذلك في المقلين" [بيان الوهم (٣/ ٠٢٩/ ١٢٨١)].

وبمثل ما قال في أبي عامر صالح بن رستم: "وقول ابن معين فيه: لا شيء؛ معناه فيه: أنه ليس كغيره، فإنه قد عُهِد يقول ذلك فيمن يقل حديثه، فاعلم ذلك" [بيان الوهم (٥/ ٥٦٥/ ٢٧٨٩)].

قلت: فأين أبو الأحوص من بكار بن عبد العزيز وأبي عامر الخزاز في كثرة ما يرويانه؟ وقلة مرويات أبي الأحوص؟ فهو الأحق بهذا التوجيه على مذهب ابن القطان، لا سيما ولم يوجد في حديثه نكارة تقتضي تضعيفه.

فإن قيل: قد وُصِف أبو الأحوص بالجهالة، فإن سفيان بن عيينة لما روى له عن الزهري حديث النهي عن مسح الحصى، قال سفيان: "فقال له سعد بن إبراهيم [يعني: للزهري]: من أبو الأحوص؟! كالمغضب عليه، حين حدَّث عن رجل مجهول لا يعرفه، فقال له الزهري: أما تعرف الشيخ مولى بني غفار الذي كان يصلي في الروضة، وجعل يصفه له، وسعد لا يعرفه" [مسند الحميدي (١٢٨)، الطبقات الكبرى (١٧٥ - القسم المتمم)، العلل ومعرفة الرجال (١/ ١٨٦/ ١٥٨) و (٣/ ١٥١/ ٤٦٦٨)، المعرفة والتاريخ (١/ ٢١٦ و ٣٨٣)، صحيح ابن خزيمة (٩١٣)، الجعديات (١٥٢٨)].

<<  <  ج: ص:  >  >>