وكذلك ينبغي أن يكون في الصف من يصلح للاستخلاف إن ناب الإمامَ شيءٌ في صلاته ممن يعرف إرقاعها وإصلاحها.
وفيه: أن التصفيق لا تفسد به صلاة الرجال إن فعلوه؛ لأنهم لم يؤمروا بإعادةٍ، ولكن قيل لهم: شأن الرجال في مثل هذه الحال التسبيح.
وفيه: أن أبا بكر كان لا يلتفت في صلاته، ثم التفت إذ أكثر الناس التصفيق.
وفيه: أن الالتفات لا يفسد الصلاة؛ لأنه لو أفسدها لأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعادتها، ولقال له: قد أفسدت صلاتك بالتفاتك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما بُعث آمرًا بالمعروف، وناهيًا عن المنكر، ومعلمًا شرائع الدين، وقد بلَّغ كل ما أمر به - صلى الله عليه وسلم -، وما أقر عليه مما رآه فهو في حكم ما أباحه قولًا وعملًا،. . .، وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيرًا،. . .
وفيه: أن رفع اليدين حمدًا وشكرًا ودعاءً في الصلاة لا يضر بها شيء من ذلك كله.
وفيه دليل على جواز الاستخلاف في الصلاة إذا أحدث الإمام، أو منعه مانع من تمام صلاته؛ لأن الإمام إذا أحدث كان أولى بالاستخلاف، وكان ذلك منه أجوز من تأخر أبي بكر - رضي الله عنه - من غير حدث؛ لأن المحدث لا يجوز له أن يتمادى في تلك الصلاة، وقد كان لأبي بكر أن يتمادى لولا موضع فضيلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التقدم بين يديه بغير إذنه - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان يجوز له أن يثبت ويتمادى لإشارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك، وليس كذلك المحدث، ولهذا يستخلف عند جمهور العلماء.
وأما استئخار أبي بكر عن إمامته، وتقدُّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكانه، وصلاته في موضع أبي بكر ما كان بقي عليه، فهذا موضع خصوص عند جمهور العلماء، لا أعلم بينهم أن إمامين في صلاة واحدة من غير عذرِ حدثٍ يقطع صلاة الإمام ويوجب الاستخلاف لا يجوز، وفي إجماعهم على هذا دليل على خصوص هذا الموضع؛ لفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه لا نظير له في ذلك، ولأن الله عز وجل قد أمرهم أن لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله، وهذا على عمومه في الصلاة والفتوى والأمور كلها، ألا ترى إلى قول أبي بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو يصلي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفضيلة الصلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجهلها مسلم، ولا يلحقها أحدٌ، وأما سائر الناس فلا ضرورة بهم إلى ذلك؛ لأن الأول والثاني سواء ما لم يكن عذر، ولو صلى أبو بكر بهم تمام الصلاة لجاز؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعك أن تثبت إذ أمرتك"، وفي هذا دليل على أنه لولا أنه أمره ما قال له: ما منعك أن تثبت، وفي هذا ما يدلك على أنهم قد كانوا عرفوا منه ما يدل على خصوصه في ذلك والله أعلم، وموضع الخصوص من هذا الحديث هو استئخار الإمام لغيره من غير حدثٍ يقطع عليه صلاته، وأما لو تأخر بعد حدثٍ وقدَّم غيره لم يكن بذلك بأس.
وفيه: أن التصفيق لا يجوز في الصلاة لمن نابه شيء فيها، ولكن يسبح، وهذا ما لا خلاف فيه للرجال، وأما النساء فإن العلماء اختلفوا في ذلك،. . .