قال الطحاوي جريًا على ظاهر السند:"هذا الحديث صحيح الإسناد، غير مطعون في أحد من رواته".
وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إنما اتفقا على إخراج حديث: حميد، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، الحديث، وحميد هذا هو: ابن تيرويه الطويل، بلا شك فيه".
قلت: قد انفرد به مسلم دون البخاري، وقد صحح الحديث أيضًا جريًا على ظاهر السند: ابن خزيمة وابن حبان.
وخالفهم في ذلك: جماعة من النقاد؛ فقال النسائي:"لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي داود، وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إلا خطأ؛ والله تعالى أعلم".
وقال ابن نصر المروزي في قيام الليل (٣٣٥ - مختصره): "لم يأت في شيء من الأخبار التي رويناها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه صلى جالسًا صفة جلوسه كيف كانت؛ إلا في حديث روي عن حفص بن غياث أخطأ فيه حفص، رواه عنه أبو داود الحفري، عن حميد، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة - رضي الله عنها -: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعًا، وحديث الصلاة جالسًا: رواه عن حميد عن عبد الله بن شقيق غير واحد، كما رواه الناس عن عبد الله بن شقيق، ولا ذكر التربع فيه".
ثم قال بعد أن أسنده من طريق ابن أبي عدي عن حميد:"فيشبه أن يكون الحديث كان عند حفص عن حميد على ما هو عند الناس، وكان عنده عن ليث عن مجاهد، وعن حجاج عن حماد عن سعيد بن جبير في التربع في الصلاة، فذاكر أبا داود الحفري من حفظه فتوهم أن ذكر التربع في حديث حميد فاختصر الحديث، وألحق فيه التربع توهمًا وغلطًا إن كان حفظ ذلك عنه أبو داود، وذلك أنَّه ليس بمعروف من حديث حفص لا نعلم أحدًا رواه عنه غير أبي داود، ولو كان من صحيح حديث حفص لرواه الناس عنه وعرفوه؛ إذ هو حديث لم يروه غيره، والذي يُعرف من حديث حفص في التربع: عن حجاج، عن حماد، عن مجاهد، قال: علمنا سعيد بن جبير صلاة القاعد، فقال: يجعل قيامه تربعًا، وحفص، عن ليث، عن مجاهد، قال: صلاة القاعد غير المتربع على النصف من صلاة القائم، وكان حفص رجلًا إذا حدث من حفظه ربما غلط، هو معروف بذلك عند أصحاب الحديث".
قال:"وحديث آخر أيضًا: رواه شريك، عن ليث، عن مجاهد، عن عائشة - رضي الله عنها - رفعته، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير المتربع"؛ غلط فيه شريك، وهذا الكلام رواه الناس عن ليث عن مجاهد من قوله، قال محمد بن يحيى: الحمل فيه على شريك"، قال المروزي: "ففعل شريك في هذا الحديث كفعل حفص في حديث حميد، وشريك معروف عند أصحاب الحديث بسوء الحفظ وكثرة الغلط.
فلم يثبت في كيفية جلوس المصلي قاعدًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر، ولو كان في كيفية