وقال الترمذي (٣٧٣): "وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه كان يصلي من الليل جالسًا، فإذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين آيةً، قام فقرأ ثم ركع، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك.
وروي عنه: أنَّه كان يصلي قاعدًا، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد.
قال أحمد وإسحاق: والعمل على كلا الحديثين، كانهما رأيا كلا الحديثين صحيحًا معمولًا بهما".
وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٣): يجمع بينهما: بأنه كان يفعل كلًّا من ذلك بحسب النشاط وعدمه، والله أعلم"، وقد تأوله ابن خزيمة على غير ذلك.
قال ابن خزيمة (٢/ ٢٤٠): "قد أنكر هشام بن عروة خبر عبد الله بن شقيق؛ إذ ظاهره كان عنده خلاف خبره عن أبيه عن عائشة، وهو عندي غير مخالف لخبره؛ لأنَّ في رواية خالد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة: فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد، فعلى هذه اللفظة: هذا الخبر ليس بخلاف خبر عروة وعمرة عن عائشة؛ لأنَّ هذه اللفظة التي ذكرها خالد دالة على أنَّه كان إذا كان جميع القراءة قاعدًا ركع قاعدًا، وإذا كان جميع القراءة قائمًا ركع قائمًا، ولم يذكر عبد الله بن شقيق صفة صلاته إذا كان بعض القراءة قائمًا وبعضها قاعدًا، وإنما ذكره عروة وأبو سلمة وعمرة عن عائشة؛ إذا كانت القراءة في الحالتين جميعًا بعضها قائمًا وبعضها قاعدًا، فذكر أنَّه كان يركع وهو قائم إذا كانت قراءته في الحالتين كلتيهما، ولم يذكر عروة ولا أبو سلمة ولا عمرة كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح هذه الصلاة التي يقرأ فيها قائمًا وقاعدًا ويركع قائمًا، وذكر ابن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة ما دل على أنَّه كان يفتتحها قائمًا"، ثم أسند حديث ابن سيرين باللفظ السابق ذكره: فإذا افتتح الصلاة قائمًا ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا، ثم قال: "فهذا الخبر يبين هذه الأخبار كلها، فعلى هذا الخبر: إذا افتتح الصلاة قائمًا ثم قعد وقرأ انبغى له أن يقوم فيقرأ بعض قراءته ثم يركع وهو قائم، فإذا افتتح صلاته قاعدًا قرأ جميع قراءته وهو قاعد ثم ركع وهو قاعد؛ اتباعًا لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -".
***
٩٥٦ - . . . يزيد بن هارون: أخبرنا كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ السُّوَر في ركعة؟ قالت: المفصَّل، قال: قلت: فكان يصلي قاعدًا؟ قالت: حين حَطَمَه الناس.
• حديث صحيح.
أخرجه الحاكم (١/ ٢٦٥)، وأحمد (٦/ ١٧١)(١١/ ٦١١٨/ ٢٦٠٢٢ - ط. المكنز)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (٢١٧٧ و ٢٣١١)، وأبو بكر الشافعي في