الآخرَينِ الموصولة، والتي لو صحت لكان حديثًا مرفوعًا؛ فإن السُّنَّة عند الإطلاق: هي سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال النووي في الأذكار (٥٥): "السُّنَّة في التشهد الإسرار؛ لإجماع المسلمين على ذلك، ويدل عليه من الحديث: ... "، ثم ذكره، ثم قال:"وإذا قال الصحابي: من السُّنَّة كذا، كان بمعنى قوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا هو المذهب الصحيح المختار الذي عليه جمهور العلماء من الفقهاء والمحدثين وأصحاب الأصول والمتكلمين رحمهم الله، فلو جهر به كُرِه، ولم تبطل صلاته، ولا يسجد للسهو".
• وأما ما استشهد به الحاكم على صحة هذا الحديث، فلا يصلح شاهدًا من جهة اللفظ ولا المعنى، فإن الآية الواردة في حديث عائشة لا تدل على إخفاء التشهد، وإنما أمرت بالتوسط بين حالة الجهر والمخافتة [كما جاء تفسيرها في حديث ابن عباس المتفق عليه. البخاري (٤٧٢٢)، مسلم (٤٤٦)]:
فقد روى حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: نزلت هذه الآية في التشهد: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}[الإسراء: ١١٠].
أخرجه ابن خزيمة (١/ ٣٥٠/ ٧٠٧)، والحاكم (١/ ٢٣٠)، وابن جرير الطبري في جامع البيان (١٥/ ١٨٧).
قال ابن حجر في نتائج الأفكار (٢/ ١٩٥): "هذا حديث صحيح السند، غريب بعض المتن"، ثم عارضه برواية البخاري.
قلت: هي رواية شاذة، فإن المحفوظ فيه:
ما رواه سفيان الثوري، وابن المبارك، وزائدة بن قدامة، وحماد بن زيد، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وعيسى بن يونس، ومالك بن سُعير بن الخِمس، وسفيان بن عيينة، وأبو معاوية الضرير محمَّد بن خازم، ويونس بن بكير، وسلام بن أبي مطيع، ومحمد بن فضيل [وهم خمسة عشر رجلًا من الثقات، وفيهم أئمة الحفاظ ومتقنوهم]، ويحيى بن أبي زكريا الغساني [ضعيف]:
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة [في قوله عَزَّ وَجَلَّ]: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}، قالت: نزلت في الدعاء.
أخرجه البخاري (٤٧٢٣ و ٦٣٢٧ و ٧٥٢٦)، ومسلم (٤٤٦)، وأبو عوانة (١/ ٤٥٠/ ١٦٦٢ و ١٦٦٣)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٢/ ٦٧/ ٩٩٢)، والنسائي في الكبرى (١٠/ ١٥٧/ ١١٢٣٨)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٩٨/ ٨٠٨٦) و (٦/ ٩٦/ ٢٩٧٦٠)، وإسحاق بن راهويه (٢/ ١٤١/ ٦٢٨)، وابن جرير الطبري في جامع البيان (١٥/ ١٨٣)، وأبو العباس السراج في مسنده (١٠٧ و ٨٢١)، وابن أبي داود في مسند عائشة (٤٢)، والطحاوي في أحكام القرآن (٤٦٨ و ٤٦٩)، وأبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (٢/ ٤٩٨/ ٦٥٦)، والواحدي في أسباب النزول (٢٩٨)[وفي سنده سقط]، والبيهقي في السنن (٢/ ١٨٣)، وفي المعرفة (٢/ ٦٩/ ٩٥٢)، وفي الدعوات (٢٦٧)، وغيرهم.