للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث مالك على حديث ابن إسحاق؛ لأنهما متفقان على روايته من طريق: محمد بن عبد الله بن زيد عن أبي مسعود، رواه مالك عن نعيم، ورواه ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي، كلاهما عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبي مسعود، وعلى هذا فإنما أراد الدارقطني: ترجيح قول مالك على من خالفه عن نعيم المجمر حسب، كما سبق بيانه في الحديث السابق، والله أعلم.

فإن قيل: حديث أبي مسعود أصله في صحيح مسلم بدون هذه الزيادات؟ فيقال: هو عند مسلم من حديث نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله بن زيد، وهذا طريق آخر مختلف عنه، رواه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد، والتيمي: ثقة، كثير الحديث؛ فتحتمل منه الزيادة؛ فلو كان المخرج متحدًا من جهة نعيم لكان حديث ابن إسحاق شاذًا أو منكرًا، لكنه هنا محفوظ، كما دلل على ذلك ابن القيم، والله أعلم.

• وهذا الزيادة التي انفرد بها ابن إسحاق لها شاهد معنوي:

قال ابن رجب في الفتح (٥/ ١٩٦): "ويشهد لذلك: قول الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا السلام عليك قد عرفناه، وإنما عرفوا السلام عليه في التشهد في الصلاة، وهو: "السلام على النبي ورحمة الله وبركاته"، فيكون سؤالهم عن الصلاة عليه في الصلاة أيضًا".

وذكر معناه ابن القيم في جلاء الأفهام (٣٣٥)، ثم قال: "فوجب أن تكون الصلاة المقرونة به هي في الصلاة".

• ولحديث أبي مسعود إسناد آخر:

رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد [بن سيرين]، عن عبد الرحمن بن بشر، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أُمِرنا أن نصلي عليك ونسلم، أما السلام فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صلِّ على محمد، كما صليت على آل إبراهيم، اللهم بارك على محمد، كما باركت على آل إبراهيم".

أخرجه النسائي في المجتبى (٣/ ٤٧/ ١٢٨٦)، وفي الكبرى (٢/ ٧٣/ ١٢١٠) و (٩/ ٢٦/ ٩٧٩٥)، والطبراني في الكبير (١٧/ ٢٥٠/ ٦٩٦)، وابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ١٩٤ - ١٩٥).

تنبيه: وقع عند الطبراني في الكبير: عبد الوهاب بن عطاء، بدل: عبد الوهاب بن عبد المجيد، وهو خطأ، وذلك لأن راويه عن عبد الوهاب إنما هو أبو الخطاب زياد بن يحيى البصري [وذلك عند المصنفين الثلاثة]، وهكذا رواه عنه فقال: عبد الوهاب بن عبد المجيد: النسائي، وأحمد بن عمرو أبو بكر البزار، وهما من كبار الأئمة الحفاظ، وكذلك راويه عند الطبراني: محمد بن العباس الأخرم، وهو: ثقة حافظ أيضًا [طبقات المحدثين (٣/ ٤٤٧)، أخبار أصبهان (٢/ ٢٢٤)، السير (١٤/ ١٤٤)]، فتعين عندي أنه خطأ

<<  <  ج: ص:  >  >>