قال: "لا أعلم" [التنقيح (١/ ٢٠٥)]، فلو صح عنده شيء مرفوع لقال به، وقوله: "لا أعلم" يعني: أنه لا يعلم فيه حديثًا صحيحًا.
ومما يزيد الأمر وضوحًا ما قاله ابنه عبد الله في مسائله (٩٥)، قال: سألت أبي عن من ترك مسح الأذنين ناسيًا حتى يفرغ من صلاته؟ قال: "أرجو أن يجزيه، قال ابن عمر: الأذنان من الرأس".
فهذا صريح في كون الإمام أحمد إنما احتج في هذا الباب بما صح عن ابن عمر موقوفًا عليه، والله أعلم.
• وهذا الحديث مع ضعفه؛ إلا أنه صحيح المعني، وله ما يشهد لمعناه في الصحيح وفيه غنية، والحمد لله.
قال الترمذي في الجامع (١/ ٥٣): "هذا حديث حسن؛ ليس إسناده بذاك القائم.
والعمل علي هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم: أن الأذنين من الرأس، وبه يقول: سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس، قال إسحاق: وأختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه، ومؤخرهما مع رأسه، وقال الشافعي: هما سنة علي حيالهما؛ يمسحهما بماء جديد".
انظر: مسائل أحمد لابنه عبد الله (٩٥)، مسائل أحمد وإسحاق لإسحاق بن منصور الكوسج (١٣)، مسائل أبي داود (٤٤ و ٤٥)، سنن الأثرم (١٢)، الطهور (٣٦٥)، الأوسط لابن المنذر (١/ ٤٠٠)، شرح السُّنَّة (١/ ٤٤١).
ومما يدل على أن: الأذنين من الرأس، يمسحان بماء الرأس، ولا يؤخذ لهما ماء جديد:
١ - حديث ابن عباس:
رواه زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فغسل يديه، ثم تمضمض واستنشق من غرفة واحدة، وغسل وجهه، وغسل يديه مرة، ومسح برأسه وأذنيه مرة.
وهو حديث صحيح، تقدم تحت الحديث رقم (١١٧ و ١٣٣)، ويأتي برقم (١٣٧).
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح، والعمل علي هذا عند أكثر أهل العلم: يرون مسح الأذنين ظهورهما وبطونهما".
وهو كما قال، وصححه أيضًا: ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وابن منده وقال: "لا يعرف مسح الأذنين من وجه يثبت إلا من هذه الطريق"، قال ابن حجر: "وكأنه عني بهذا التفصيل والوصف" [التلخيص (١/ ١٥٩)، خلاصة البدر (٩٨)، نيل الأوطار (١/ ٢٥٣ و ٢٥٤)].
قلت: رواية ابن عجلان هذه أعلها البزار، وقد سبقت الإشارة إلي ذلك، والعمدة في هذا علي حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي، ورواية ابن عجلان وهشام بن سعد: داخلة في جملة المتابعات.