للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° ومن فوائد هذا الحديث أيضًا:

قال ابن عبد البر في التمهيد (١/ ٣٤١ - ٣٤٣): "وفي هذا الحديث وجوه من الفقه والعلم:

منها: أن النسيان لا يُعصم منه أحدٌ نبيًّا كان أو غير نبي، قال - صلى الله عليه وسلم -: "نسي آدم فنسيت ذريته".

وفيه: أن اليقين لا يجب تركه للشك حتى يأتي يقين يزيله؛ ألا ترى أن ذا اليدين كان على يقين من أن فرض صلاتهم تلك أربع ركعات، وكانت إحدى صلاتي العشي كما روي، فلما أتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غير تمامها وأمكن في ذلك القصر من جهة الوحي، وأمكن الوهم، لزمه الاستفهام؛ ليصير إلى يقينٍ يقطع به الشك.

وفيه: أن الواحد إذا ادَّعى شيئًا كان في مجلس جماعة لا يمكن في مثل ما ادعاه أن ينفرد بعلمه دون أهل المجلس؛ لم يقطع بقوله حتى تستخبر الجماعة، فإن خالفوه سقط قوله، أو نُظِر فيه بما يجب، وإن تابعوه ثبت،. . .

وفيه دليل على: أن المحدث إذا خالفته جماعة في نقله أن القولَ قولُ الجماعة، وإن القلب إلى روايتهم أشد سكونًا من رواية الواحد.

وفيه: أن الشك قد يعود يقينًا بخبر أهل الصدق، وأن خبر الصادق يوجب اليقين، والواجب إذا اختلف أهل مجلس في شهادة وتكافؤوا في العدالة أن تُؤخذ شهادةُ من أثبتَ علمًا دون من نفاه.

وفيه: أن من سلَّم ساهيًا في صلاته لم يضره ذلك، وأتمها بعد سلامه ذلك، وسجد لسهوه، ولم يؤمر باستئناف صلاته؛ بل يبني على ما عمل فيها ويتمها.

وفيه: السجود بعد السلام لمن عرض له مثل هذا في صلاته، أو لمن زاد فيها ساهيًا؛ قياسًا عليه،. . .

وفيه: أن سجدتي السهو يكبر فيهما، وأنهما على هيئة سجود الصلاة،. . .

وقد زعم بعض أهل الحديث أن في هذا الحديث دليلًا على قبول خبر الواحد، وقد ادعى المخالف أن فيه حجة على من قال بخبر الواحد، والصحيح: أنه ليس بحجة في قبول خبر الواحد، ولا في رده".

ثم تكلم وأوعب في ذكر المسألة السابقة، ثم قال (١/ ٣٧٠): "وفيه: إثبات سجود السهو على من سها في صلاته.

وفيه: أن السجود يكون بعد السلام إذا زاد الإنسان في صلاته شيئًا سهوًا، وبه استدل أصحابنا على أن السجود بعد السلام فيما كان زيادة من السهو في الصلاة.

وفيه: أن سجدتي السهو يسلَّم منهما، ويكبر في كل خفص ورفع فيهما، وهذا موجود في حديث أبى هريرة وعمران بن حصين في قصة ذي اليدين من وجوه ثابتة،. . .

واختلف المتأخرون من الفقهاء في رجوع المسَلِّم ساهيًا في صلاته إلى تمام ما بقي عليه منها هل يحتاج في ذلك إلى إحرام أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>