للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضبطه وحفظه وإتقانه، حتى إنهم كانوا يقدمونه على نظرائه مثل: الحكم بن عتيبة والأعمش، وأنه لم يكن يختلفون عليه] اختلف عليه الثقات بما يدل على عدم ضبطه لهذا الموضع بما لا يعود على الحديث بالإعلال؛ فهذا شعبة يقول في روايته عنه: "إبراهيم القائل: لا يدري؛ علقمة، قال: زاد أو نقص، أو عبد الله"، وهذا زائدة بن قدامة يقول في روايته عن منصور: "فأما الناسي لذلك فإبراهيم عن علقمة، أو علقمة عن عبد الله"، وتابعه على ذلك: عبد العزيز بن عبد الصمد فقال: "قال منصور: لا أدري إبراهيم وهِمَ أم علقمة"، وكذا قال شيبان، وهذا وهيب بن خالد يقول: "وأكثر ظني أنه قال: نقص"، وهذا جرير بن عبد الحميد يقول: "قال إبراهيم: فلا أدري زاد أم نقص"، وهذا عندي إنما هو من منصور نفسه، كما جزم بذلك الحميدي في روايته عن جرير عن منصور، فقال: "شك منصور" [أبو عوانة (١٩٣٥)].

° وكان أحاديث الوهم في الصلاة قضى الله تعالى فيها بالوهم على رواتها الأثبات، فحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وهِم فيه ابن سيرين فلم يضبط تعيين الصلاة، وإنما قال فيه بغلبة الظن، والزهري وهم فيه وغلط في أكثر من موضعٍ، فسمى ذا اليدين ذا الشمالين، ونفى وقوع سجود السهو، واضطرب في إسناده اضطرابا شديدًا، وهكذا حديث ابن مسعود في هذا الموضع.

* والحاصل: فإن المحفوظ في حديث ابن مسعود هذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسًا، بزيادة ركعة، وليس بنقصان، كما وقع الجزم بذلك في رواية: الحكم ومغيرة عن إبراهيم النخعي، وكما وقع ذلك أيضًا في رواية إبراهيم بن سويد عن علقمة، وفي رواية عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله.

بل إن رواية منصور [في المحفوظ عنه] والأعمش عن إبراهيم ليس فيها أنه - صلى الله عليه وسلم - أتم صلاته حين ذكَّروه، وإنما اقتصر على سجود السهو، مما يدل على أنه لم ينقص من الصلاة شيئًا، ففي رواية منصور: فثنى رجله، واستقبل القبلة، فسجد بهم سجدتين، ثم سلَّم، وفي رواية الأعمش: ثم تحوَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد سجدتين.

قال ابن رجب في الفتح (٦/ ٤٤٧): "وقد اتفقت الروايات عن إبراهيم في هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ذُكِّر بسهوه لم يزد على أن سجد سجدتين، وهذا يدل على أنه كان سهوه بزيادة لا بنقص، فإنه لو كان سهوه بنقص لأتى بما نقص من صلاته ثم سجد، فلما اقتصر على سجدتي السهو دل على أن صلاته كانت قد تمت، وأن السهو كان في الزيادة فيها"، ثم ذكر رواية من شذَّ بذكر إتمام الصلاة، فقال: "وذكر إتمامه صلاته: زيادة غير محفوظة"، ثم احتج أيضًا برواية إبراهيم بن سويد، ثم بحديث الأسود عن ابن مسعود، والله أعلم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>