للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: صدوق، كثير الوهم، سيئ الحفظ، ليس بذاك في الثوري، وضعفه جماعة في سفيان [التقريب (٦١٩)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٢٦)، التهذيب (٤/ ١٨٨)].

قال الترمذي عن حديث الثوري: "وهذا أصح، ولم يحفظ أبو معاوية أبا سعيد".

قلت: لم ينفرد بذلك أبو معاوية، فقد قال ابن خزيمة: "روى هذا الخبر أبو خالد الأحمر، وأبو معاوية، وعبدة بن سليمان، وغيرهم عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، لم يذكروا أبا سعيد".

قلت: مثل هذا الاختلاف لا يضر، إذ يمكن حمله على أن جابرًا إنما سمعه من أبي سعيد، فكان يحدث به زمانًا عن أبي سعيد، ثم صار يرسله، ويرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مباشرة بلا واسطة، وأن أبا سفيان طلحة بن نافع قد حمله عن جابر على الوجهين، وهكذا سمعه منه الأعمش، فكان مرة يرويه على هذا الوجه، ومرة يرويه على الوجه الآخر، لكن هذا الاحتمال بعيد، ويمكن أن يقال: إن الأعمش هو الذي قصر فيه، بإسقاط أبي سعيد من الإسناد، وكلا الوجهين عنه صحيح محفوظ، رواهما عنه جماعة من أصحابه الثقات المقدَّمين فيه، فرواه بإسقاط أبي سعيد: أبو معاوية وتابعه عليه جماعة، ورواه بإثبات أبي سعيد: الثوري وتابعه عليه جماعة، وعليه فإن حديث جابر مرسل، ومراسيل الصحابة صحيحة، ولذا احتج به مسلم في صحيحه، وقدم رواية أبي معاوية على الثوري؛ لأن أبا معاوية كان من أحفظ الناس لحديث الأعمش وأعلمهم بحديثه، والله أعلم.

وطلحة بن نافع عن جابر: بعضه سماع، وبعضه كتاب، من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري، وهي وجادة صحيحة، احتج بها مسلم، وحاله في ذلك حال أبي الزبير المكي، وقد سبق تقرير ذلك مرارًا، والله أعلم.

• قلت: ومما يؤيد أن جابرًا إنما أخذه عن أبي سعيد؛ أن للحديث طرقًا أخرى عن أبي سعيد:

أ - فقد رواه ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر؛ أن أبا سعيد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ... فذكره.

ورواه ابن لهيعة مرة أخرى فقال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد، ثم رجع إلى بيته حينئذ فليصل في بيته ركعتين، وليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا".

أخرجه أحمد (٣/ ١٥ و ٥٩) (٥/ ٢٣١٠/ ١١٢٨١) و (٥/ ٢٤٢٣/ ١١٧٤٧ - ط. المكنز)، وعبد الله بن وهب في الجامع (٣٥١).

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، لكنه صالح في المتابعات.

° وقد وهم بعض الضعفاء على ابن لهيعة في إسناده، فأسقط منه ذكر جابر [أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>