قال: وفيه نزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، وفي رواية: ثم تلا ابن عمر: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، وقال: في هذا نزلت.
أخرجه مسلم (٧٠٠/ ٣٣ و ٣٤)، وتقدم ذكره قبل حديث جابر هذا.
قال البيهقي في المعرفة (١/ ٤٨٥): "وهو أصح ما روي في نزول هذه الآية".
٣ - حديث معاذ بن جبل:
روى أحمد بن محمد بن رشدين المصري: ثنا هشام بن سلام البصري: ثنا أبو داود الطيالسي: ثنا إسماعيل بن عبد الله السكوني أبو إبراهيم، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أبيه، عن معاذ بن جبل، قال: صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم إلى غير القبلة، فلما قضى الصلاة وسلم، تجلت الشمس، فقلنا: يا رسول الله! صلينا إلى غير القبلة! قال: "قد رفعت صلاتكم بحقها على الله - عز وجل - ".
أخرجه الطبراني في الأوسط (١/ ٨٥/ ٢٤٦)، وفي مسند الشاميين (٥١).
وعلقه ابن منده في الكنى (١٣٣)، ثم قال: "قال أبو داود الطيالسي: هذا حديث منكر".
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم بن أبي عبلة إلا إسماعيل بن عبد الله، ولا عن إسماعيل إلا أبو داود، تفرد به هشام بن سلام".
قلت: وهذا حديث باطل؛ أبو عبلة شمر بن يقظان [الجرح والتعديل (٤/ ٣٧٥)، الثقات (٤/ ٣٦٧)]، وإسماعيل بن عبد الله السكوني أبو إبراهيم [فتح الباب (١٣٣)، وليس هو ابن خالد الرقي السكري، ولا ابن زرارة الرقي؛ فإنه أقدم منهما]، وهشام بن سلام البصري: كلهم مجاهيل، وفي تفرد الأخير عن الطيالسي نكارة ظاهرة، وشيخ الطبراني: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف، واتهم [انظر: اللسان (١/ ٥٩٤)].
° وفي عدم إيراد أبي داود لشيء من هذه الأحاديث في هذا الباب دليل على ضعفها عنده، إذ لو صح عنده منها شيء لاحتج به، لكنه أعرض عنها جميعًا، واستعاض عنها بما صح من حديث أنس في تحويل القبلة، إذ هو كافٍ في الاستدلال به على المراد.
وكذلك فعل النسائي؛ فإنه ترجم لذلك بقوله: "باب استبانة الخطأ بعد الاجتهاد"، ثم أخرج تحته حديث ابن عمر في تحويل القبلة المتفق عليه، والذي تقدم معنا في الشواهد، ولم يورد شيئًا من هذه الأحاديث.
° وقبل أن أشرع في ذكر شيء من فقه حديث الباب، أنبه على أن حديث: "ما بين المشرق والمغرب قبلة": لا يصح رفعه، إنما يصح موقوفًا على عمر بن الخطاب.
وقد سبق أن خرجته في مسائل الفقه (٤/ ٢٢٦)، وقد روي مرفوعًا من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وعائشة، وابن عباس:
• وأقوى إسناد للمرفوع:
ما رواه عبد الله بن جعفر المخرمي، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".