للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النسائي بعد أن روى له حديثًا عن المقبري عن أبي هريرة غير هذا، قال: "ليس بذاك القوي"، مستنكرًا بذلك روايته تلك، وقال أبو داود مفسرًا كلام أحمد: "في حديثه نكارة"، وقال ابن حبان في الثقات: "يعتبر حديثه من غير رواية المخرمي عنه؛ لأن المخرمي ليس بشيء في الحديث"، قلت: المخرمي صدوق، وإنما الحمل في هذه الأحاديث التي يرويها على الأخنسي نفسه، وكلام ابن حبان هذا فيه دليل على استنكار أحاديث المخرمي عن الأخنسي، وبهذا يظهر أن الذين جرحوا الأخنسي قد فسروا سبب جرحهم، فيقدم جرحهم المفسر حينئذ على توثيق من وثقه، والله أعلم أعلل ابن المديني (٧٣)، التاريخ الكبير (٦/ ٢٤٩)، الجرح والتعديل (٦/ ١٦٦)، [علل الترمذي الكبير (٢٧٣)، السُّنن الكبرى للنسائي (٥/ ٣٩٨/ ٥٨٩٣)، الثقات (٧/ ٢٠٣). الميزان (٣/ ٥٢)، إكمال مغلطاي (٩/ ١٨٤)].

وعلى هذا فإن في تفرد عثمان الأخنسي عن المقبري بهذا الحديث نكارة ظاهرة، وقد وقفت على نقل آخر للإمام أحمد يؤكد تضعيفه لهذا الحديث، واحتجاجه في الباب بقول عمر بن الخطاب مصححًا إياه:

قال مهنأ: "قلت لأحمد: إنك تقول هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" ليس بالقوي؟ قال: نعم، قال: هو صحيح [عن عمر] " [شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (٥/ ٤٩٧)، الفتح لابن رجب (٢/ ٢٩٠)]، ثم أسند حديث حماد بن مسعدة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة، إلا عند البيت [أخرجه حرب الكرماني في مسائله (١١٦٢)، هكذا موقوفًا على عمر، وأخرجه الفاكهي في أخبار مكة (١/ ١٨٦/ ٢٩١) موقوفًا على ابن عمر، لم يذكر فيه عمر، والمحفوظ فيه ذكر عمر، وبدون زيادة عند البيت، فقد رواه سفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطان، وزائدة بن قدامة، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ووكيع بن الجراح: خمستهم وهم ثقات أثبات، رووه عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة.

أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٣٤٥/ ٣٦٣٣ و ٣٦٣٤)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٤٠ و ١٤١/ ٧٤٣١ و ٧٤٣٩)، والبيهقي (٢/ ٩)، وابن عبد البر في التمهيد (١٧/ ٥٩)].

وقد نقل الأثرم عن أحمد، أنه قيل له: "قبلة أهل بغداد على الجدي؟ فجعل ينكر أمر الجدي، فقال: أيشٍ الجدي؟ ولكن على حديث عمر: ما بين المشرق والمغرب قبلة" [الفتح لابن رجب (٢/ ٢٩٣)]، فلو كان عند أحمد فيه حديث مرفوع، ولو من وجهٍ ضعيفٍ محتمَلٍ غيرَ منكر، لما احتج بقول عمر وحده، والله أعلم.

* قال الترمذي في الجامع (٣٤٤): "وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما بين المشرق والمغرب قبلة، منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وقال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك، والمشرق عن يسارك، فما بينهما قبلة، إذا استقبلت القبلة، وقال ابن المبارك: ما بين المشرق والمغرب قبلة، هذا لأهل المشرق، واختار عبد اللّه بن المبارك التياسر لأهل مرو".

<<  <  ج: ص:  >  >>