هكذا سلك فيه خالد بن قيس الجادة والطريق السهل فوهم، حيث جعله عن الحسن عن سمرة، وهي جادة مشهورة، والحديث لقدامة بن وبرة عن سمرة [على اختلاف في وصله وإرساله]، ولم يُروَ بهذا الإسناد غير هذا الحديث، فهو إسناد يحتاج إلى من يقيمه ويضبطه، مثل همام وحجاج الأحول، وأما خالد بن قيس بن رباح البصري، فإنه وإن وثقه ابن معين والعجلي، وقال ابن المديني:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، فقد قال الأزدي:"خالد بن قيس عن قتادة: فيها مناكير" [التهذيب (١/ ٥٢٩)]، وأما قول الآجري:"وسمعت أبا داود يقول: خالد بن قيس: أروى الناس عن قتادة، مات قديمًا" [سؤالات الآجري (٢/ ١٣٥)]، ففيه نظر، فأين المكثرون عن قتادة: شعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي، بل: وهمام بن يحيى وأبان بن يزيد العطار وحجاج بن حجاج الباهلي وحماد بن سلمة وشيبان بن عبد الرحمن النحوي وأيوب السختياني وأبو عوانة وعمرو بن الحارث ويزيد بن إبراهيم التستري ومسعر بن كدام وجرير بن حازم وحسين بن ذكوان المعلم والأوزاعي ومعمر بن راشد، وغيرهم من المكثرين عن قتادة، فإن قيل: أخرج له مسلم عن قتادة، فيقال: إنما أخرج له في المتابعات لا في الأصول، ولم يحتج له بحديث انفرد به عن قتادة [صحيح مسلم (١٧٧٤ و ٢٠٩٢)].
* وممن تكلم في هذا الاختلاف على قتادة:
قال أحمد:"رواه أيوب أبو العلاء فلم يصل إسناده كما وصله همام، قال: نصف درهم أو درهم، خالفه في الحكم، وقصر في الإسناد" [العلل ومعرفة الرجال (١/ ٢٥٦/ ٣٦٧)]، وقال في مسائل أبي داود (١٨٨٠): "همام عندي أحفظ".
وقال أبو داود في السنن:"سمعت أحمد بن حنبل يُسأل عن اختلاف هذا الحديث، فقال: همام عندي أحفظ من أيوب، يعني: أبا العلاء".
وذكر الحاكم (١/ ٢٨٠) بإسناده إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال:"سمعت أبي، وسئل عن حديث همام عن قتادة، وخلاف أبي العلاء إياه فيه؟ فقال: همام عندنا أحفظ من أيوب أبي العلاء" [رواق المغاربة (١٣٥/ ب).، سنن البيهقي (٣/ ٢٤٨)، البدر المنير (٤/ ٦٩٣)، الإتحاف (٦/ ٣٠/ ٦٠٧٦)].
وقال البخاري بعد أن ذكر مخالفة خالد بن قيس لهمام وحجاج:"والأول أصح".
ولما سئل أبو حاتم عن حديث خالد بن قيس، قال:"يروون هذا الحديث عن قتادة، عن قدامة بن وبرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، يعني مرسلًا [العلل (١/ ٥٧٧/٢٠٠)]، يعني: أنه ليس من حديث الحسن عن سمرة.
وقال البيهقي بعد حديث خالد بن قيس: "كذا قال، ولا أظنه إلا واهمًا في إسناده؛ لاتفاق ما مضى على خلاف فيه، فأما المتن فإنه يشهد بصحة رواية همام، وكان محمد بن إسماعيل البخاري لا يراه قويًا؛ فإن قدامة بن وبرة لم يثبت سماعه من سمرة".
وقال ابن عبد الهادي في المحرر (٤٤٠): "ووهم من رواه عن الحسن عن سمرة".