للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن الجوزي: "وأصلح ما روي في هذا: حديث زيد بن أرقم".

وجود إسناده النووي في المجموع (٤/ ٤١٢)، وقال في الخلاصة (٢/ ٨١٦/ ٢٨٨٠): "رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن".

وأما ابن حزم فقد شذ إذ ضعفه بإسرائيل، وزعم بأنه ليس بالقوي، فلم يصب [المحلى (٥/ ٨٩) وإسرائيل: ثقة، متفق على الاحتجاج به، وهو أحد الأثبات.

قلت: نعم، إياس بن أبي رملة الشامي: مجهول، لم يرو عنه غير عثمان بن المغيرة، ولا له غير هذا الحديث؛ فكان ماذا؟

سبق أن قررت أن حديث المجهول إذا كان مستقيمًا فإنه يكون مقبولًا صحيحًا؛ وذلك تحت الحديث رقم (٧٥٩)، عند حديث هُلْب الطائي [وانظر أيضًا فيما قبلته أو رددته من حديث المجهول: ما تحت الحديث رقم (٧٨٨)، الشاهد الرابع، حديث أم سلمة، وما تحت الحديث رقم (٧٩٥)، وما تحت الحديث رقم (٨٢٥)، والحديث رقم (٩٩١) ومما قلت هناك:

الحكم على الراوي بالجهالة لا يمنع من تصحيح حديثه، فكم من راوٍ حكم أبو حاتم عليه بالجهالة ونحوها ثم صحح حديثه، ثم نقلت بعض النقول في ذلك، ثم قلت: فدل ذلك على أن استقامة حديث الراوي تكفي في قبول حديثه، حتى لو لم يكن مشهورًا بالطلب، لا سيما من كان في طبقة التابعين، والمقصود من هذه النقول بيانُ أن المجهولَ لا يُردُّ حديثه لمجرد جهالته؛ إذ الجهالة وصف لا يلزم منه الجرح، بل يقترن كثيرا في كلام الأئمة الوصفُ بالجهالة مع التوثيق أو التجريح، ولكن ينظر في حديث المجهول؛ فإن كان حديثه مستقيمًا موافقًا لرواية الثقات صُحِّح حديثه واغتُفرت جهالته، حيث لم يرو منكرًا، ولم ينفرد عن الثقات بما ليس من حديثهم، لا سيما لو كان من التابعين.

وهذا مثل حالتنا هذه، فإن حديث إياس هذا: قد صح من حديث ابن عباس في قوله لابن الزبير: أصاب السُّنَّة، وصح من مرسل أبي صالح السمان، وصح من فعل: عمر، وابن الزبير، في الإذن العام من غير قيد، وصح عن عثمان أنه أذن لأهل العالية خاصة، وهم من كانوا خارج المدينة، لكن ممن تلزمهم الجمعة، وكذلك صح من مرسل عمر بن عبد العزيز في الإذن لأهل العالية.

وقد صحح حديث إياس هذا: الحاكم، واحتج به أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم، وشهد ابن المديني بأن في هذا الباب غير ما حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد جيد، فيدخل هذا فيها ضمنًا، فهو حديث صحيح، والله أعلم.

فإن قيل: إنه معارَض بحديث النعمان بن بشير الآتي ذكره في آخر الشواهد، وفيه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١) قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يومٍ واحدٍ، يقرأ بهما أيضًا في الصلاتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>