للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ذكروا أنه قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -"، وتبعه على ذلك صاحب تاريخ الرقة وابن شاهين، وذكره ابن حبان في الصحابة مترددًا، فقال: "يقال: إن له صحبة"، ثم أعاده في ثقات التابعين، وقال العجلي: "جزري تابعي ثقة".

وفي المقابل: فقد ذكره العقيلي وابن عدي في الضعفاء لأجل حديثه هذا الذي قال فيه البخاري: "لا يتابع على حديثه"، وقال ابن عدي: "وهو: شبه المجهول"، وقال الدارقطني: "ليس بقوي"، وقال اللالكائي: "مجهول، لا حجة فيه"، وقال ابن بطال: "لا يُعرف"، وهو قليل الرواية، وغالب مروياته موقوفات على الصحابة، ولا يصح له عن الصحابة رواية حديث واحد مرفوع، إذ إن الأسانيد إليه لا تصح، فضلًا عن كون الذين ادعوا أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أن له صحبة: لا دليل لديهم على صحة مدعاهم، وعلى هذا: فإن الذي وصفه بالجهالة لم يخطئ في ذلك، لا سيما مع كون البخاري قد قدح في روايته لهذا الأثر، وأنه لم يتابع عليه، فجمع حينئذ بين الوصف بالجهالة، وبين عدم الضبط فيما ينقل [الطبقات الكبرى (٧/ ٤٣٨)، التاريخ الكبير (٥/ ١١٠)، معرفة الثقات (٠ ٩٠)، الجرح والتعديل (٥/ ٦٨)، الثقات (٣/ ٣٤٧) و (٥/ ٣١)، المعجم الكبير للطبراني (٧/ ١٦٥/ ٦٧١٥)، المعجم الأوسط (٦/ ٣٦٨/ ٦٦٣٧)، أسد الغابة (٣/ ٢٧٧)، الميزان (٢/ ٤٣٧)، اللسان (٤/ ٤٩٨)، الإصابة (٤/ ١٢٥)].

• وعلى هذا فإن هذا الأثر: ضعيف؛ لا يثبت، ولا تقوم به الحجة؛ في مقابل ما سيأتي ذكره من الأحاديث المرفوعة، القاضية بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة بعد زوال الشمس.

قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٣٨٧) [وما بين المعكوفين فمن كلامي]: "رجاله ثقات؛ إلا عبد الله بن سيدان، وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة، فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة، قال ابن عدي: شبه المجهول، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه.

بل عارضه ما هو أقوى منه: فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة؛ أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس؛ إسناده قوي [أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٨٥/ ٣٢٧١)، وابن المنذر (٢/ ٣٥٩/ ١٠٠٩)، والطحاوي (١/ ١٨٨)، لكنه في الظهر، وليس في الجمعة].

وفي الموطأ: عن مالك بن أبي عامر، قال: كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي، فإذا غشيها ظل الجدار خرج عمر؛ إسناده صحيح [أخرجه مالك في الموطأ (١٣)]، وهو ظاهر في أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس، وفهم منه بعضهم عكس ذلك، ولا يتجه إلا إن حمل على أن الطنفسة كانت تفرش خارج المسجد، وهو بعيد، والذي يظهر أنها كانت تفرش له داخل المسجد، وعلى هذا فكان عمر يتأخر بعد الزوال قليلًا.

وفي حديث السقيفة: عن ابن عباس قال: فلما كان يوم الجمعة وزالت الشمس خرج عمر فجلس على المنبر [أخرجه البخاري (٦٨٣٠)].

وأما علي: فروى ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق؛ أنه صلى خلف علي الجمعة

<<  <  ج: ص:  >  >>