للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل لم يذكر ابن أبي حاتم لشهاب حديثًا واحدًا في العلل، ولا حتى العقيلي في ضعفائه، وأما دعوى أن سويدًا قد توبع عليه عند ابن بطة في الإبانة (٢/ ٩/ ١٢١٨٨٤) و (٤/ ١١١/ ١٥٣٠)، فلا تسلِّم؛ فإن ابن بطة نفسه متكلم فيه، روى بعض حديثه بغير سماع، وله أباطيل، وقد تكلم فيه الدارقطني والخطيب، حتى قال الخطيب عن حديث من روايته: "هذا باطل، والحمل فيه على ابن بطة"، فاعتذر له الذهبي فقال: "أفحش العبارة، وحاشى الرجل من التعمد، لكنه غلط، ودخل له إسناد في إسناد"، وقال الذهبي أيضًا: "ولابن بطة مع فضله أوهام وغلط"، وحمل عليه ابن حجر في اللسان [تاريخ بغداد (١٠/ ٣٧١)، الميزان (٣/ ١٥)، السير (٥٢٩/ ١٦)، اللسان (٥/ ٣٤٢)]، فقد يكون دخل له حديث في حديث.

ثم كيف تشتهر رواية سويد بن سعيد وهو متكلم فيه، ولا تُعرف رواية الثقة الحجة أبي توبة الربيع بن نافع إلا من طريق ابن بطة؟!.

• وأما ابن عدي فلم ينكر عليه سوى حديثين، أحدهما لشهاب بن خراش عن الثوري، في حديث أبي هريرة مرفوعًا: "يحسر الفرات عن جبل من ذهب"، وقد تفرد فيه بزيادة منكرة: "ولا تقوم الساعة إلا نهارًا"، وقد أنكرها ابن عدي لتفرد ابن خراش بها عن الثوري، دون بقية أصحاب الثوري، لكن لماذا نحمل التبعة على ابن خراش، والمتفرد عنه بهذه الرواية هو هشام بن عمار [انظر: الحلية (٧/ ١٤٣)، تاريخ دمشق (٢٣/ ٢٠٧)، أمالي الشجري (٢/ ٢٧٨)]، وكان قد كبر فصار يتلقن، وقد أنكروا عليه أحاديث تلقنها [انظر مثلًا: الحديث المتقدم في السُّنن برقم (٩٠٧ م)]، وكان الدارقطني لما تكلم عن هذا الحديث في عِلَله (١٠/ ١٩٠/ ١٩٦٧) (٥/ ٩٦٧/ ١١٣٢ - ط. الريان) أشار إلى ذلك حيث قال: "قاله هشام بن عمار عن شهاب، ووهم في ذلك"، وعليه فالأقرب عندي أن الوهم في هذه الزيادة من قِبَل هشام بن عمار، وأما شهاب بن خراش فهو من عهدتها بريء، والله أعلم.

• وأما الحديث الثاني: حديث أنس مرفوعًا: "أخاف على أمتي بعدي: تكذيبًا بالقدر، وصدقًا بالنجوم": فهو ثابت من حديث ابن خراش، مروي عنه من طرق متعددة [انظر مثلًا: مسند أبي يعلى (٤١٣٥)، القضاء والقدر للبيهقي (٤٢٠ و ٤٢١)، تاريخ دمشق (٢٣/ ٢٠٧ و ٢٠٨)]، لكنه حديث تحمله فأداه كما سمعه، والعهدة فيه على شيخه، وهو: يزيد بن أبان الرقاشي، وهو: ضعيف، يحدث عن أنس بن مالك بما فيه نظر، وفي بعض طرقه أن شهاب بن خراش استثبت فيه من أبان بن أبي عياش، وأبان: متروك، منكر الحديث، فبرئ أيضًا شهاب بن خراش من عهدته، لذا أعله الذهبي بالرقاشي في السير (٨/ ٢٨٧) فقال: "وهو كلام صحيح؛ لكن الحديث واهٍ لمكان الرقاشي"، فبرأ ساحة شهاب، والله أعلم.

ثم هذا ابن عدي يشهد لابن خراش بأنه لم يقدح فيه أحد من الأئمة المتقدمين، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>