قال الذهبي في السير (٤/ ٤٩٠): "وقيل: ... وإنه شهد صفين مع معاوية، فإن صح هذا -وهو ممكن- فقد عاش نحو التسعين".
قلت: قد صح، وجزم به ابن عساكر في تاريخه (١٧/ ٤٥٠)، فقال: "وشهد مع معاوية صفين" وانظر: نصب الراية (١/ ١٦٥).
وينضم إلى هذه القرينة: قرينة أخرى؛ فقد روى البخاري في الأدب المفرد (٥٧٩)، قال: حدثنا أحمد بن عاصم، قال: حدثنا حيوة، قال: حدثنا بقية، قال: حدثني صفوان، قال: سمعت راشد بن سعد يقول: سمعت ثوبان، يقول: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسكن الكفور، فإن ساكن الكفور كساكن القبور"، قال أحمد [يعني: ابن عاصم،: الكفور: القرى.
حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا بقية، قال: حدثني صفوان، قال: سمعت راشد بن سعد، يقول: سمعت ثوبان، قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا ثوبان! لا تسكن الكفور، فإن ساكن الكفور كساكن القبور".
تابعهما: داود بن رشيد: نا بقية به.
أخرجه البيهقي في الشعب (١٨/ ٦٨/ ٧٥١٨).
قال العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في الضعيفة (١٠/ ١/ ٣٢٥) الحديث رقم (٤٧٨٣): "وهذا إسناد جيد؛ رجاله كلهم ثقات، وقد صرح فيه بقية بالتحديث، فأمنا شبهة تدليسه".
قلت: هو إسناد حمصي صحيح؛ قد ثبت فيه سماع راشد بن سعد من ثوبان، وانظر: القول المسدد (١٢).
وبهاتين القرينتين: ظهرت حجة الإمام البخاري في إثبات سماع راشد من ثوبان؛ قال البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٢٩٢): "راشد بن سعد الحمصي المقرئ: سمع ثوبان ... ".
وعليه فإن المثبِت مقدَّم على النافي لما معه من زيادة علم، ويكفي ما اطلعنا عليه من حجة البخاري في إثبات السماع، في رد قول من نفاه، والله أعلم.
وعلى هذا فالإسناد صحيح متصل بلا ريب.
سمعه يحيى بن سعيد القطان من ثور بن يزيد [كما عند الروياني]، وثور بن يزيد قد سمع من راشد بن سعد [كما أثبته البخاري في التاريخ الكبير (٢/ ١٨١)]، وسمع راشد من ثوبان [كما تقدم بيانه].
قال النووي في المجموع (١/ ٤٦٥): "رواه أبو داود بإسناد صحيح".
• وقد وجدت متابعة للقطان:
تابعه محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني [وهو ضعيف، قال أحمد: "لم يسمع حديثًا، وثب على كتب أبيه"؛ لذا كذبه ابن معين وأبو داود، وتركه النسائي. التهذيب (٣/ ٥٤٣)، الميزان (٣/ ٥١٤)، المجروحين (٢/ ٢٧٦)]، رواه عن ثور، عن راشد، عن ثوبان به مرفوعًا، إلا أنه قال: "المشاوذ" بدل: "العصائب"، وهي بمعناها.