عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن السليك، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة والإمام يخطب؛ فليصل ركعتين خفيفتين".
أخرجه أحمد (٣/ ٣٨٩)[في مسند جابر]. وأبو عوانة (٦/ ٥/ ٦٠٤٥ - إتحاف المهرة)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢/ ٤٧٦/ ١٢٧٩)، وابن عدي في الكامل (٣/ ٤٦٥)(٦/ ٨٤ - ط. الرشد)، والدارقطني (٢/ ١٤)، والخطيب في الكفاية (٤٠٧)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٦/ ٤٠٤)، وعلقه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (٣/ ١٧٤/ ١٦٥١ م).
قال البخاري في التاريخ الكبير (٤/ ٢٠٦): "قال بعضهم: عن جابر عن سليك، قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يخطب: "صل ركعتين"، ولا يصح عن سليك".
وقال ابن عدي:"ولا أعلم قاله أحدٌ عن الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن السليك؛ غير الفريابي وإبراهيم بن خالد، والحديث له طرق عن جابر، وكلهم قالوا: إن سليكًا دخل والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب".
وهذا هو الصواب؛ فإن الحديث مشهور عن جابر في حكاية قصة سليك الغطفاني، وشهوده للواقعة غير ممتنع، ولكن بعض الرواة هو الذي تساهل في جعله على سبيل الرواية، لا على سبيل الحكاية، وقد يقال: إن الأمر هاهنا سهل، لكونه دائرًا بين صحابيين، وعليه يحمل قول أبي داود في مسائله لأحمد (١٩٧٨ م) في اتصال الحديث المؤنن: "سمعت أحمد يقول: كان مالك -زعموا- يرى عن فلان وأن فلانًا سواء؛ ذكر أحمد: مثل حديث جابر؛ أن سليكًا جاء والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، أو: عن جابر عن سليك؛ أنه جاء"، لكن نعود ونقول: هذا لو كان سليك مشهورًا بالرواية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكنه غير مشهور بذلك، وإنما حكى جابر قصته، ولا يُعرف له غير هذا الحديث، وقد قال أبو القاسم البغوي:"لا أعلم لسليك غيره" [المعجم (٣/ ١٧٤)]، وأما حديثه الآخر في النهي عن الصلاة في أعطان الإبل؛ فإنه غير محفوظ [راجع السنن برقم (١٨٤)، علل ابن أبي حاتم (٣٨ و ٥١٠)]، ولذلك فإن أحمد لم يخرج الحديث في مسند سليك، وإنما أخرجه في مسند جابر، وعدم تفريق أحمد هنا بين الرواية والحكاية سببه أن الرواية مردها إلى الحكاية على سبيل التجوز، كما سيأتي كلام ابن حجر في ذلك، وأما الاختلاف بين صحابيين كلاهما يروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فلا إشكال في ذلك، مثل حديث ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس؛ أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وزيد بن ثابت تسحرا، وحديث هشام الدستوائي وهمام وغيرهما عن قتادة عن أنس، عن زيد بن ثابت، أو: أن زيد بن ثابت حدثه، وكلاهما في الصحيح [راجع صحيح البخاري (٥٧٥ و ٥٧٦ و ١١٣٤ و ١٩٢١)، صحيح مسلم (١٠٩٧)]، وكذلك حديث ابن عمر، قال: استفتى عمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أينام أحدنا وهو جنب، وحديثه عن عمر في ذلك [راجع الحديث المتقدم برقم (٢٢١)]، واللَّه أعلم.