وهذا حديث منكر باطل؛ فإن صباح بن يحيى المزني هذا: متروك؛ بل متهم [التاريخ الكبير (٤/ ٣١٤)، الجرح والتعديل (٤/ ٤٤٢)، ضعفاء العقيلي (٢/ ٢١٢)، المجروحين (١/ ٣٧٧)، الكامل (٤/ ٨٤)، الميزان (٢/ ٣٠٦)، اللسان (٤/ ٣٠٣)].
ولم يتابع على قوله في هذا الحديث: "ولم يكن صلى"، والذي يحتج به بعضهم على أن هاتين الركعتين هما سنة الجمعة، وأن من لم يصلهما في بيته، فليصلهما إذا أتى والإمام يخطب، وهذا قول باطل لا دليل عليه، ودليلهم هذا ساقط، ليس بشيء.
٢ - يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن [وفي رواية: قال: حدثني] أبان بن صالح، عن مجاهد أبي الحجاج، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: دخل سليك الغطفاني يوم الجمعة [ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الناس]، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اركع ركعتين، ولا تعُدْ لمثل هذا"، قال: فركعهما ثم جلس.
أخرجه ابن حبان (٦/ ٢٥٠/ ٢٥٠٤)، والدارقطني (٢/ ١٦).
صححه ابن حبان، وهو حديث حسن، وقد سبق الكلام عن هذا الإسناد فيما تقدم في السنن برقم (١٣)، وقال البخاري عن حديث جابر بهذا الإسناد في النهي عن استقبال القبلة ببول: "هذا حديث صحيح"، وقد أخرج الشيخان لمجاهد بن جبر أبي الحجاج عن جابر في صحيحيهما [البخاري (١٥٧٠)، مسلم (١٢١٦)]، وهكذا رواه عن جابر: عمرو بن دينار، وأبو سفيان طلحة بن نافع، وأبو الزبير المكي؛ إلا أنه زاد عليهم: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولا تعُدْ لمثل هذا"، وهي زيادة حسنة، لا بأس بها.
قال ابن حبان: "قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تعُودَنَّ لمثل هذا": أراد الابطاء في المجيء إلى الجمعة، لا الركعتين اللتين أمر بهما، والدليل على صحة هذا: خبر ابن عجلان الذي تقدم ذكرنا له أنه أمره في الجمعة الثانية أن يركع ركعتين مثلهما"، يعني: حديث أبي سعيد الآتي ذكره.
وبمثل هذا المعنى أنكر عمر بن الخطاب على عثمان تأخره إلى ما بعد النداء، وتقصيره في عدم التبكير إلى الجمعة، راجع في هذا المعنى ما كتبت عند الحديث رقم (٣٤٠)، وفتح الباري لابن رجب (٥/ ٣٦١).
٣ - ورواه الحسن البصري، واختلف عليه:
أ- فرواه إسماعيل بن مسلم المكي [ضعيف، قال أحمد: "منكر الحديث"، وعنده عجائب، يروي عن الثقات المناكير، وقد تركه ابن مهدي والقطان والنسائي وغيرهم. العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٣٥٢/ ٢٥٥٦)، ضعفاء العقيلي (١/ ٩٢)، الكامل (١/ ٢٨٣)، التهذيب (١/ ١٦٧)]، ومنصور بن زاذان [ثقة ثبت؛ لكن لا يثبت عنه؛ ففي الإسناد إليه من يُجهل حاله، والمعروف عنه الإرسال، كما سيأتي]:
عن الحسن، عن جابر، قال: جاء سُلَيكٌ الغطفاني ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب على المنبر يوم الجمعة، فأمره أن يصلي ركعتين، يتجوَّز فيهما. لفظ إسماعيل.