حدثنا أبو أويس [عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أويس: ليس به بأس، لينه بعضهم، وضعفه ابن معين في بعض الروايات عنه]، عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن الضحاك بن قيس الفهري، عن النعمان بن بشير الأنصاري، قال: سألناه ما كان يقرأ به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الجمعة مع السورة التي يُذكر فيها الجمعة؟ قال: كان يقرأ معها {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}.
أخرجه الدارمي (١/ ٤٤٣/ ١٥٦٧)(٢/ ٩٧٨/ ١٦٠٨ - ط. المغني)(١٣/ ٥٢٣/ ١٧٠٨٩ - إتحاف)، وابن خزيمة (٣/ ١٧١ - ١٧٢/ ١٨٤٦)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (٢/ ٣٥٤/ ٣٣٤٩)، وابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ٣٢٢).
قال ابن أبي خيثمة:"كذا قال أبو أويس: عن الضحاك بن قيس"، ثم نقل كلام يحيى بن معين في أبي أويس.
قلت: رواية مالك وابن عيينة هي الصواب، وهم فيه أبو أويس.
° قال البزار:"وهذا الكلام لا نعلم يرويه إلا النعمان بن بشير بهذا الإسناد، وقد روي عن النعمان بخلاف هذا اللفظ"؛ يعني: حديث حبيب بن سالم المتقدم.
وأعلَّ العقيلي حديث حبيب بن سالم بحديث عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة هذا، وقال عن حديث عبيد اللَّه:"وهذه الرواية أولى".
قلت: هما حديثان مختلفان، محفوظان عن النعمان بن بشير، وذلك لاختلاف مخرجهما عن النعمان، فهذا يرويه عنه عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود، ووقع جوابًا عن سؤال، والآخر يرويه عنه مولاه وكاتبه حبيب بن سالم، وقد توبع على حديثه، وأما قول البخاري في حبيب بن سالم:"فيه نظر"، والذي اعتمد عليه العقيلي في إعلال حديثه بحديث عبيد اللَّه؛ فإنه معارَض بتصحيح البخاري لحديث حبيب، كما في علل الترمذي الكبير (١٥٢)، حيث قال:"هو حديث صحيح".
وموضوع حديث حبيب بن سالم القراءة في الجمعة والعيدين، وأنهما إذا اجتمعا ماذا كان يقرأ فيهما، بينما في حديث عبيد اللَّه؛ نجد الضحاك بن قيس يسأل عن السورة التي كان يُقرأ بها مع سورة الجمعة، وهذا وارد ورود اختلاف التنوع، وما المانع أن يروي الصحابي الواحد مثل هذا التنوع في القراءة في صلاة الجمعة، ولم يستشكل أبو بكر الأثرم [انظر: الناسخ (٤٤ - ٤٧)]، ولا ابن خزيمة [الصحيح (١٤٦٣ و ١٨٤٣ - ١٨٤٧)]، ولا ابن عبد البر [انظر: الاستذكار (٢/ ٥١)] ولا غيرهم من الأئمة مثل هذا الاختلاف، بل احتجوا بالحديثين جميعًا، ورأوا أن الأمر في ذلك واسع، وأنه من اختلاف التنوع، وكان الأولى بابن عبد البر قبول رواية إمامه وطرح رواية غيره التي تخالفها، لكنه قبلهما جميعًا، وهذا هو الإنصاف!، وقد صحح الحديثين جميعًا واحتج بهما جماعة، منهم: مسلم، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، واللَّه أعلم.