هكذا رواه معظم الرواة عن سهيل، مرة بصيغة الأمر، ومرة بصيغة التخيير، مما يدل على أن معناهما متقارب عندهم، واللَّه أعلم.
• وقد وهم في متنه أبيض بن أبان الثقفي:
فرواه عبيد بن سعيد [الأموي: ثقة]: حدثنا أبيض بن أبان الثقفي، عن سهيل بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان مصليًا فليُصلِّ قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا".
قال عبيد: فقلت لأبيض: إن سفيان حدثني به، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان مصليًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا".
قال: ذاك ما سمع سفيان، وذا ما سمعت أنا، أما إني أخذت كتاب سهيل.
أخرجه الطحاوي في المشكل (١٠/ ٢٩٨ - ٢٩٩/ ٤١٠٨)، وأبو جعفر ابن البختري في جزء فيه ستة مجالس من أماليه (١١١).
قلت: هو حديث منكر بهذا اللفظ، وأبيض بن أبان: قال أبو حاتم: "ليس عندنا بالقوي، يكتب حديثه، وهو شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره الدارقطني في الضعفاء والمتروكين، وسئل عنه مرة فقال: "لا بأس به"، وله أوهام [التاريخ الكبير (٢/ ٦٠)، الجرح والتعديل (٢/ ٣١٢)، علل ابن أبي حاتم (٢/ ٢٤٣/ ٢٢٢٠)، الثقات (٦/ ٨٥)، ضعفاء الدارقطني (١٢٠)، سؤالات السلمي (٨)، علل الدارقطني (٥/ ٣٣٤/ ٩٢٧)، اللسان (١/ ٣٩٣)، الثقات لابن قطلوبغا (٢/ ٢٧٣)].
* وهكذا روى هذا الحديث جماعة من أصحاب الثوري عنه، منهم: وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وزائدة بن قدامة، وعبد اللَّه بن المبارك، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعلي بن مسهر، وأبو قرة موسى بن طارق، وحفص بن غياث، وعبيد بن سعيد الأموي [وهم ثقات، وفيهم جماعة من أثبت أصحابه].
• لكن رواه الطحاوي في المشكل (١٠/ ٣٠٠/ ٤١٠٩)، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي: حدثنا نوح بن حبيب القومِسي: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلى الجمعة صلى بعدها ركعتين، ثم صلى أربعًا.
وهذا إنما يُعرف موقوفًا من فعل ابن عمر، وهو غريب جدًا من هذا الطريق.
فإن يحيى بن سعيد القطان لم يرو هذا الحديث عن الثوري، ولو رواه لاشتهر عنه، وبلغ الآفاق، وقد تفرد به عنه: نوح بن حبيب القومِسي البَذَشي، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أنه من الغرباء غير المكثرين عن القطان، وله عنه إفرادات وغرائب [انظر مثلًا: سنن النسائي (٥/ ١٣١/ ٢٦٦٨)، تحفة الأشراف (٨/ ٣٦٤/ ١١٨٣٦)].
وشيخ الطحاوي ليس هو صاعقة، وقد حدَّث بالرملة، وتوفي بها سنة (٢٨٠)، في جمادى الآخرة، وقد روى عنه أيضًا: أبو العباس الأصم وجماعة، وترجمه ابن عساكر في