وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٣٩٥): "وقد روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كبر في صلاة العيدين سبعًا في الركعة الأولى، وخمسًا في الثانية؛ من طرق كثيرة حسان، منها: حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص،. . . ".
وقال ابن الجوزي:"أصلح هذه الأحاديث: الأول، وهو حديث عمرو بن شعيب، وفي إسناده: عبد اللَّه بن عبد الرحمن، وهو الطائفي، وقد ضعفه يحيى، وقال مرة: ليس به بأس، وقال مرة: صويلح" [التحقيق (١/ ٥٠٩)].
وقال النووي في الخلاصة (٢٩٣٠): "رواه أبو داود وآخرون بأسانيد حسنة، فيصير بمجموعها صحيحًا"، وقال في المجموع (٥/ ٢١): "وحديث عمرو بن شعيب هذا: صحيح، رواه أبو داود وغيره بأسانيد حسنة"؛ يعني: إلى أبي يعلى الطائفي عن عمرو به.
خالفهم: الطحاوي فقال: "حديث عبد اللَّه بن عمرو: إنما يدور على عبد اللَّه بن عبد الرحمن، وليس عندهم بالذي يحتج بروايته، ثم هو أيضًا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وذلك عندهم أيضًا ليس بسماع، فكيف يحتجون على خصمهم بما لو احتج به عليهم لم يسوغوه ذلك؟ ".
قلت: أبو يعلى عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي: روى له مسلم في صحيحه حديثًا واحدًا متابعة (٢٢٥٥)، في شعر أمية بن أبي الصلت، وانفرد فيه بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن كاد ليسلم"، وفي رواية:"فلقد كاد يسلم في شعره"، فهو كالمحتج به في هذه الزيادة، وروى عن الطائفي: ابن المبارك وابن مهدي، وحسبك بهما، واحتج بحديثه هذا: أحمد وأبو داود وابن المنذر والبيهقي وابن عبد البر، وصححه ابن المديني، وقال البخاري:"صحيح"، وانتقاه ابن الجارود، وقواه ابن عبد البر وابن الجوزي، ولم يمنعهم تفرد الطائفي به عن عمرو بن شعيب من قبول حديثه والعمل به؛ كأنهم انتقوا له بعض ما صح من حديثه عندهم، دون بقية ما روى.
وقد قال فيه يحيى بن معين:"صالح"، وقال مرة:"ليس به بأس، يكتب حديثه"، وقال مرة:"صويلح"، وقال مرة:"ليس حديثه بذاك القوي"، وقال مرة:"ضعيف"، وهذا الاختلاف في أقوال ابن معين لعله يرجع إلى النظر في حديث دون آخر، فإذا نظر إلى حديثه المستقيم قؤَى أمره، وإذا نظر إلى أوهامه ومخالفته للثقات لينه أو ضعفه، واللَّه أعلم، ويقرُب من ذلك قول البخاري فيه:"مقارب الحديث"، بعد تصحيحه لحديثه هذا، وإلا لقال: ثقة، كما أن البخاري قد صحح له حديثًا آخر توبع عليه [انظر: جامع الترمذي (١٣٦٨)، علل الترمذي الكبير (٣٨١ - ٣٨٤)، وأصل الحديث عند البخاري في الصحيح (٢٢٥٨ و ٦٩٧٧ و ٦٩٧٨ و ٦٩٨٠ و ٦٩٨١) من نفس الوجه، ويأتي تخريجه في السنن برقم (٣٥١٦) إن شاء اللَّه تعالى، وانظر أيضًا: علل ابن أبي حاتم (١٤٢٩ و ١٤٣٠)، علل الدارقطني (٧/ ١٤/ ١١٧٦)].
وقد حكى ابن خلفون عن ابن المديني توثيقه، وقال العجلي:"ثقة"، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.