للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجرح والتعديل (٣/ ٦٠١)، السير (١٤/ ١٩٧)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٧٠٩)، طبقات الشافعية (٣/ ٢٩٩)، اللسان (٣/ ٥٢١)، وغيرها،، بينما أبو عبيد الآجري لم يُعثر له على ترجمة، وإن كان كتابه قد حاز قبول العلماء في النقل عنه، إلا أنه صاحب غرائب في النقل عن أبي داود [انظر مثلًا: الحاشية رقم (٣) على تهذيب الكمال (٣٢/ ١٧٣)، حاشية طارق عوض اللَّه على المنتخب من علل الخلال ص (٢١٨)]، وعلى هذا فلا يوثق بهذا النقل عن أبي داود لانفراد الآجري به عن الحافظ الكبير زكريا الساجي.

كذلك فإن أبا داود معدود في طبقة المعتدلين في نقد الرجال، فكيف يخالف أكثر النقاد، ولا سيما شيخه أحمد، فيتشدد في كثير ويصفه بالكذب، وكان الأولى أن لا يزيد على وصف حديثه بالنكارة، أو أن يجرحه بنحوٍ مما جرحه عامة النقاد، إلا أن يقال بأنه تبع في ذلك الشافعي فيما نقله عنه، هذا على فرض ثبوته عنه، واللَّه أعلم.

وأما كلام مطرف في كثير؛ فيرده: رواية يحيى بن سعيد الأنصاري عنه، ويحيى بن سعيد هو من هو في الإمامة والعلم والتثبت حتى كان يوازى بالزهري، ولم ينفرد يحيى عن أهل المدينة بالرواية عن كثير، بل روى عنه من المدنيين غير يحيى، مثل عبد اللَّه بن نافع الصائغ وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي وإسماعيل بن أبي أويس وابن أبي فديك، وغيرهم.

وأما بقية أقوال أئمة الجرح والتعديل في كثير فتدور بين كونه ضعيفًا أو متروكًا، بل إن أبا حاتم، وهو أحد المتعنتين في الرجال يصفه بأخف ألفاظ الجرح، فيقول: "ليس بالمتين"، وهي من عبارات التليين؛ فلم يضعفه، وإنما ليَّنه.

وفي المقابل: فقد صحح البخاري لكثير المزني هذا في غير الصحيح [وقيل بأنه علق له في الصحيح بصيغة التمريض. انظر: هامش اليونينية (٣/ ١٠٦ - ط المنهاج) (٣/ ٣١٣ - ط التأصيل)، الفتح لابن حجر (٦/ ١٣٦)، التحفة (٧/ ٣٦٧/ ١٠٧٧٦ - ط الغرب)، النكت الظراف (٨/ ١٦٧ - التحفة)]، وحاشا أن يصحح البخاري لرجل كذاب، كان ركنًا من أركان الكذب، أو حتى لرجل متروك، فهذا مستبعد جدًا، وممن صحح له أيضًا: الترمذي [الجامع (١٣٥٢)]، وابن خزيمة [الصحيح (١٤٣٨ و ١٤٣٩ و ٢٤١٢)]، وحسن له الترمذي في موضعين [الجامع (٢٦٣٠ و ٢٦٧٧)]، كما استغرب له الترمذي في موضع (٤٩٠)، وابن خزيمة (٢٤٢٠) أيضًا، مما يدل على أنهما لم يحتجا به على الإطلاق، كما أنهما لم يكثرا من إخراج حديثه، وإنما انتقيا له بعض ما توبع عليه، فهذه الأحاديث التي صححت له قد رويت متونها من وجوه أخرى إما صحيحة وإما حسنة، فهي أحاديث مستقيمة وافق فيها الثقات، وقد سلك البيهقي مسلك الاعتبار بحديث كثير المزني في تقوية بعض الأسانيد الضعيفة بما يرويه، فقد قال في بعض أحاديثه بأنها إذا انضمت إلى غيرها من الأسانيد التي فيها ضعف قويت، وقال يعقوب بن سفيان: "وقد تَكلَّم في كثيرٍ مَن لو سكت عنه كان أنفع له، وإنما تكلم فيه الجاهلون به وبأسبابه"، وقال البزار: "وعمرو بن عوف هذا قد بيَّنا أنه لم يرو عنه إلا ابنه، وإنما يكتب من أحاديثه ما لا يرويها غيره، وقد روى

<<  <  ج: ص:  >  >>