حديثًا كثيرًا شاركه فيه غيره، فذكرنا من حديثه أحاديث لم يروها غيره، وأحاديث قد رواها غيره؛ ليعلم أن بعض حديثه قد شورك في روايتها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" اهـ، وهذا التصرف من هؤلاء الأئمة يجعلنا نتوقف عن وصف كثير المزني هذا بكونه متروكًا، إذ لم يجتمع أئمة الجرح والتعديل على تضعيفه، نعم ضعفه أكثر النقاد، لكن صحح له البخاري والترمذي وابن خزيمة، ودافع عنه يعقوب الفسوي والبزار، واستشهد به أبو داود والبيهقي، فمثله لا يكون متروكًا، واللَّه أعلم.
والمتتبع لأحاديث كثير المزني يجد أنه يشارك الثقات في مروياتهم، وأن كثيرًا من المتون التي يرويها قد صحت من وجه آخر، وهذا القسم هو الذي صححه الترمذي أو حسنه، وكذلك ابن خزيمة، ومن قبلهما البخاري، وقد وقع في مروياته بعض المناكير، التي انفرد بها ولم يتابع عليها، وهذا القسم لم يصححوا أو يحسنوا له منه شيئًا، لا سيما حديث جبال الجنة، وأودية الجنة، وملاحم الجنة، وحديث الخضر، وحديث الخيل، وغيرها، وقد اعتبرت كثيرًا من حديثه فوجدته لم ينفرد به، وقد روي بعضه من وجوه صحاح أو حسان أو مما ضعفه محتمل، وذلك فيما يقرب من ثلاثين حديثًا [تاريخ ابن معين للدوري (٣/ ١٤٤/ ٦٠٧) و (٣/ ٢٣٢/ ١٠٨٧)، تاريخ الدارمي (٧١٣)، سؤالات ابن محرز (١/ ٦١/ ٩٧)، سؤالات ابن الجنيد (٨٤٠)، العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٢١٣/ ٤٩٢٢)، المنتخب من علل الخلال (٨٨)، سؤالات ابن أبي شيبة (٨٤)، التاريخ الكبير (٧/ ٢١٧)، أحوال الرجال (٢٣٥)، المعرفة والتاريخ (١/ ١٦٨)، مسند البزار (٨/ ٣٢٤)، ضعفاء النسائي (٥٠٤)، ضعفاء العقيلي (٤/ ١١٧٦ - ط. الصميعي)، الجرح والتعديل (٧/ ١٥٤)، المجروحين (٢/ ٢٢١)(٢/ ٢٢٦ - ط. الصميعي)، الكامل (٦/ ٥٧)، ضعفاء الدارقطني (٤٤٦)، سؤالات السلمي (٣١٢)، المؤتلف والمختلف (١/ ٣٢٧)، المستدرك للحاكم (١/ ١٢٨)، ضعفاء أبي نعيم (١٩٧)، الإرشاد (١/ ٣٤٧)، المحلى (٦/ ١٢٠) و (٨/ ٤١٤)، سنن البيهقي (٦/ ٦٥)، الاستذكار (٧/ ١٨٥)، بيان الوهم (٢/ ٢٦١) و (٣/ ٥٢٧/ ١٣٠٠)، تاريخ الإسلام (١٠/ ٤٠٩)، التهذيب (٣/ ٤٦٢)] [وانظر فيمن جمع أكثر حديثه: المعجم الكبير (١٧/ ١٢ - ٢/ ٢٤ - ٣٦)، الكامل (٨/ ٦٤٧ - ٦٥٩/ ١٤١٦٠ - ١٤٢٠٠)].
• وعلى هذا فغاية ما يقال في كثير المزني أنه: ضعيف، يُعتبر به، فما وافق الثقات يُقبل، وما انفرد به يردُّ.
وهذا القول هو خلاصة ما ذهب إليه ابن حجر في التقريب، حيث قال: "ضعيف، أفرط من نسبه إلى الكذب".
° وعلى هذا فإن حديثه هذا: حديث حسن بشاهده عن عبد اللَّه بن عمرو.
فإن قيل: كيف يصححه البخاري ويقدمه على حديث ابن عمرو؟ فيقال: لعل البخاري نظر إلى تفرد عبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب، وأما هنا