فكبر سبعًا وستًا، وكبر سبعًا وخمسًا، وكبر خمسًا وأربعًا، ويبدو أنه كان يرى الأمر في ذلك واسعًا، مما يضعف القول بالرفع في خصوص فعل ابن عباس، وقد تقدم ذكره في شواهد الحديث السابق.
ولم أتعمد استقصاء ما روي عن الصحابة في هذا الباب لكثرته، وتشعب رواياته، وإنما ذكرت المرفوع وما يتصل به من الموقوف تبعًا، عمدًا للاختصار.
وإنما الذي صح مرفوعًا: التكبير سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة قبل القراءة، من حديث عبد اللَّه بن عمرو، وحديث عمرو بن عوف، كما سبق تقريره قبل هذا الحديث.
ومن أهل العلم من رجح العمل بالمرفوع دون الموقوف، ومنهم من اعتبر الموقوف له حكم المرفوع؛ إذ يبعد عن جماعة الصحابة الاجتهاد في مثل ذلك؛ باستثناء فعل ابن عباس، وأنهم إنما أخذوه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومثل هذا لا يكون رأيًا، ولا يكون إلا عن توقيف، ومن ثم جعلوه من قبيل اختلاف التنوع؛ كاختلاف صيغ التشهد والأذان ونحو ذلك:
° قال مالك: "وهو الأمر عندنا"، محتجًا في ذلك بموقوف أبي هريرة.
وقال أحمد في مسائل ابنه عبد اللَّه (٤٦٧ - ٤٧٠)، بعد حديث عبد اللَّه بن عمرو، وموقوف أبي هريرة: "وبهذا آخذ"، وقال عبد اللَّه لأبيه: ما تقول عن التكبير، إذا كبر في العيدين؟ قال: "حديث ابن مسعود هو أرفعها"، ولم يقل: به آخذ، كما قال في التكبير سبعًا وخمسًا.
وقال في مسائل الكوسج (٣٩٤): "أما أنا فأختار حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- سبعًا وخمسًا"، وأنه لا يوالي بين القراءتين، وقال بقوله إسحاق بن راهويه.
وقد سبق أن نقلت بقية أقوال أحمد في نهاية الحديث السابق، فلتراجع.
وذكر الأثرم في الناسخ الحديث من رواية ابن عمرو، وعمرو بن عوف، وجابر، وأبي واقد، وعائشة، وابن عمر، ثم قال: "وبعضها أقوى من بعض"، ثم عارضها بحديث ابن ثوبان، ثم قال: "فخالف هذا الحديث تلك الأحاديث، وتلك أكثر وأثبت".
وقال الترمذي في الجامع (٥٣٦) بعد حديث عمرو بن عوف: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وغيرهم، وهكذا روي عن أبي هريرة؛ أنه صلى بالمدينة نحو هذه الصلاة، وهو قول أهل المدينة، وبه يقول: مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وروي عن ابن مسعود؛ أنه قال في التكبير في العيدين: تسع تكبيرات في الركعة الأولى؛ خمسًا قبل القراءة، وفي الركعة الثانية يبدأ بالقراءة ثم يكبر أربعًا مع تكبيرة الركوع، وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نحو هذا، وهو قول أهل الكوفة، وبه يقول سفيان الثوري".
وقد توسع ابن المنذر في ذكر الأقوال المأثورة في عدد تكبيرات صلاة العيد، حتى