منه، أو لمعنى آخر رآه ضمرة، فرواية فليح إنما هي قرينة على ثبوت الاتصال، ولا نتعامل معها بطريقة الترجيح بين روايات الثقات وغيرهم، بحيث تصبح رواية فليح شاذة لمخالفتها لرواية من أهو أحفظ منه وأكثر عددًا، ويبدو لي أن مسلمًا استعمل هذا المنهج هنا، فاحتج برواية مالك، ثم أتبعها برواية فليح التي تزيل شبهة الإرسال، ولم أجد هذا الحديث فيما انتقده ابن عمار الشهيد على مسلم، ولا فيما تتبعه الدارقطني على الشيخين.
كما أن احتجاج مالك بهذا الإسناد المدني في موطئه دليل على اتصاله عنده، وكذلك احتجاج أبي داود والنسائي به دليل على اتصاله عندهما وإلا لأشارا إلى إرساله، وكذلك تصحيح الترمذي وابن حبان للحديث يدل دلالة صريحة على اتصاله عندهما، وحيث صرح ابن حزم بسماع عبيد اللَّه من أبي واقد؛ فقد صار الحديث ثابتًا عند الشافعي، وقد احتج به أيضًا ابن المنذر، ورآه البيهقي موصولًا، واللَّه أعلم.
قال الترمذي: "أبو واقد الليثي: اسمه الحارث بن عوف".
* وله طريق أخرى عن أبي واقد الليثي:
يرويها سعيد بن كثير بن عفير، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي واقد الليثي، وعائشة -رضي اللَّه عنها-؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بالناس يوم الفطر والأضحى، فكبر في الأولى سبعًا، وقرأ: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١)} وفي الثانية خمسًا، وقرأ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)}.
تقدم ذكره تحت الحديث رقم (١١٥٠)، وهو حديث ضعيف مضطرب.
* وفي الباب أيضًا:
١ - حديث النعمان بن بشير:
يرويه إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بَشير؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في العيدين ويومَ الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)}، قال: وربما اجتمعا في يومٍ واحدٍ، فقرأ بهما.
أخرجه مسلم (٨٧٨/ ٦٢)، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٠٧٣)، وقد مرَّ في السنن برقم (١١٢٢).
٢ - حديث سمرة بن جندب:
يرويه شعبة، والثوري، والمسعودي:
عن معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في العيدين {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)}.
وقد تقدم تخريجه برقم (١١٢٥)، وهو حديث صحيح.
٣ - حديث ابن عباس:
يرويه سفيان الثوري، ووكيع بن الجراح، وابن جريج، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وعبيد اللَّه بن موسى: