فخرج -زعموا- إلى المدينة فجاءهم بعدل -أو قال: بوسق- كُتُبٍ كتبت عن الصغار، وعن كلٍ، وكان الليث بن سعد سمع منه، ثم شك في بعضه، فجعل بينه وبين سعيد خالدًا".
وقال البرذعي: "قال لي أبو زرعة: خالد بن يزيد المصري، وسعيد بن أبي هلال: صدوقان، وربما وقع في قلبي من حسن حديثهما، قال أبو حاتم: أخاف أن يكون بعضها مراسيل، عن ابن أبي فروة وابن سمعان"، قال ابن رجب: "يعني: مدلَّسة عنهما" [سؤالات أبي داود لأحمد (٢٥٤)، وسؤالات البرذعي (٣٦١)، وشرح علل الترمذي (٢/ ٨٦٧)، والفتح لابن رجب (٤/ ٣٦٧)، والميزان (٢/ ١٦٢)، والتهذيب (٢/ ٤٨)، وانظر بعض أوهامه: علل الدارقطني (١٠/ ١٠/ ١٨١٩) و (١٢/ ٣٥/ ٢٣٧٩)].
وقد تقدم الكلام عن هذا الإسناد في مواضع، انظر منها مثلًا: فضل الرحيم الودود (٨/ ٥٢٦ / ٧٨٨) و (٩/ ٩٥/ ٨١٦).
* واختلف فيه أيضًا على محمد بن ابراهيم:
أ - فرواه ابن الهاد [مدني، ثقة]، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمير مولى آبي اللحم، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو المحفوظ عن ابن الهاد.
ب - وخالفه: عبد ربه بن سعيد بن قيس [مدني ثقة]، فأبهم الصحابي:
رواه محمد بن جعفر غندر، وحجاج بن محمد، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، ويزيد بن هارون، والنضر بن شميل، وأبو داود الطيالسي، وشبابة بن سوار، وسعيد بن عامر الضبعي [وهم ثقات، من أصحاب شعبة]:
عن شعبة بن الحجاج، عن عبد ربه بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، قال: حدثني مَن رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند أحجار الزيت يدعو هكذا، وأشار بباطن كفيه نحو وجهه. لفظ يزيد. ولفظ النضر: يدعو بكفيه. وفي رواية الفراهيدي: باسطًا كفيه. وفي رواية حجاج: ورفع شعبة كفيه وبسطهما. وفي رواية سعيد بن عامر: يدعو هكذا، وباطن كفيه إلى السماء. وهي شاذة، ورواية يزيد المفسرة هي الأشبه في صفة اليدين لحفظه وإتقانه، ولموافقتها لرواية ابن الهاد، واللَّه أعلم.
أخرجه البخاري في رفع اليدين (١٥٦)، وأبو داود (١١٧٢)، وأحمد (٤/ ٣٦) و (٥/ ٤٢٧)، وابن أبي شيبة في المسند (٩٤٥)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٥/ ٣٥١/ ٢٩٣١)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (١٥٧٦ و ١٥٧٧)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٦/ ٣١٦٧/ ٧٢٨٩).
وهذا إسناد مدني، ثم بصري، صحيح، وإبهام الصحابي لا يضر، والصحابي المبهم هنا: هو عمير مولى آبي اللحم، كما صرح به يزيد بن عبد اللَّه بن الهاد، وهو ثقة مكثر، تقبل زيادته، ومَن حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد استفدنا من حديث عبد ربه إثبات السماع بين محمد بن إبراهيم وعمير مولى آبي اللحم، واللَّه أعلم.