• قال أبو بكر ابن أبي داود عن حديث عبد الرحمن بن نمر: الصلاة جامعة: "هذه سنة تفرد بها أهل المدينة، ولم يروه إِلا عبد الرحمن بن نمر عن الزهري؛ النداء بصلاة الكسوف".
وتعقبه الدارقطني، فقال: "تابعه الأوزاعي عن الزهري".
قلت: وقد روي عن عائشة من وجه آخر يأتي ذكره في آخر الطرق، وعقد البخاري في صحيحه ترجمة لهذه المسألة بقوله: "باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف"، واحتج فيه بحديث عبد اللَّه بن عمرو الآتي ذكره قريبًا بعد طرق حديث عائشة، كما أخرج طريق الأوزاعي وعبد الرحمن بن نمر في آخر كتاب الكسوف، في باب الجهر.
• وقال ابن أبي داود: "هذه سنة تفرد بها أهل المدينة؛ الجهر".
قلت: وهي سنة ثابتة من حديث الزهري عن عروة عن عائشة، وعقد لها البخاري ترجمة في صحيحه بقوله: "باب الجهر بالقراءة في الكسوف"، واحتج بحديث عبد الرحمن بن نمر عن الزهري، وعلق متابعة سفيان بن حسين وسليمان بن كثير، وتابعهم الأوزاعي أيضًا، كما تقدم بيانه، واللَّه أعلم.
* شذ عن الجماعة:
إسحاق بن راشد [ثقة، ليس بذاك في الزهري]، فرواه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعاتٍ وأربع سجداتٍ، وقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، أو الروم، وفي الثانية بياسين.
وفي رواية: فقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية بلقمان أو الروم.
وفي رواية: يقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت أو النجم، وفي الثانية يس.
أخرجه أبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (١٣٢)، والدارقطني (٢/ ٦٤)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (٨٤٤)، والبيهقي (٣/ ٣٣٦).
بإسنادين إلى موسى بن أعين [ثقة]، عن إسحاق بن راشد به.
في الأول: سعيد بن حفص خال النفيلي، قال ابن القطان في بيان الوهم (٥/ ٤٨/ ٢٢٨٧): "سعيد بن حفص، خال النفيلي: لا أعرف حاله"، وقال ابن قطلوبغا في ثقاته (٤/ ٤٦٨): "حراني ثقة، روى عنه بقي، قاله مسلمة".
وفي الثاني: سليمان بن المعافى بن سليمان قاضي رأس العين: حمله أحد المتهمين على أن روى عن أبيه بغير سماع، واعتبره الذهبي وجادة [الكامل (٦/ ٢٩٩) (٩/ ٤٤١ - ط. الرشد). تاريخ الإسلام (٦/ ٩٤٩ - ط. الغرب). اللسان (٤/ ١٧٧)].
قلت: هو حديث منكر بهذا السياق، لم يتابع فيه إسحاق بن راشد على ذكر القمر، ولا على تعيين السور في الركعتين، والثابت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه صلى في كسوف الشمس، ولم يثبت عنه من وجه أنه صلى في خسوف القمر، ودعوى من ادعى ذلك عارية عن الدليل، فهي دعوى مرسلة، لا خطام لها ولا زمام، واللَّه أعلم [انظر: ثقات ابن حبان (١/ ٢٦١)].