الحديث زيادة؛ كان الجائي بالزيادة أولى أن يقبل قوله؛ لأنه أثبت ما لم يُثبِت الذي نقص الحديثَ".
ثم ذكر المعارضة بأحاديث من زاد عن ركوعين في كل ركعة، مثل حديث طاوس عن ابن عباس، وأنه لا يلزمه القول بما فيه من الزيادة؛ لأنه لا يُثبِته، وقال في بعض أحاديث الزيادة: "هو من وجه منقطع، ونحن لا نثبت المنقطع على وجه الانفراد، ووجه نراه -واللَّه أعلم- غلطًا".
وقال أبو داود في مسائله لأحمد (٥١٠): "كيف يصلي؟ قال: أربع ركعات في أربع سجدات، فقلت: يركع ركعتين ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم فيركع ركعتين ثم يسجد سجدتين؟ قال: نعم، هذا أختار".
ثم قال (٥١١): "قيل له: يجهر بقراءته -يعني: في صلاة الكسوف-؟، قال: نعم" [وانظر أيضًا: مسائل الكوسج (٤٠٨)].
وقال البخاري: "أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف: أربع ركعات في أربع سجدات" [علل الترمذي الكبير (١٦٢ م)]، وأعرض عن أحاديث الزيادة فلم يخرج منها شيئًا في صحيحه، وإنما اقتصر على أحاديث من قال بركوعين في ركعة.
وقال البيهقي في السنن (٣/ ٣٢٧): "وأما محمد بن إسماعيل البخاري رحمه اللَّه فإنه أعرض عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة، وقد روينا عن عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وحبيب بن أبي ثابت وإن كان من الثقات فقد كان يدلس، ولم أجده ذكر سماعه في هذا الحديث عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به عن طاوس، وقد روى سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس من فعله؛ أنه صلاها ست ركعات في أربع سجدات، فخالفه في الرفع والعدد جميعًا"، ثم ذكر مناظرة للشافعي تثبت هذا المعنى.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ٣٠٢) في حديث عطاء بن يسار عن ابن عباس: "هذا من أصح حديث يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الكسوف، وهي ركعتان في كل ركعة ركوعان، فحصلت أربع ركعات وأربع سجدات، وكذلك روى ابن شهاب عن كثير بن عباس عن عبد اللَّه بن عباس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك روت عائشة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحديثها أيضًا في ذلك أثبت حديث وأصحه، رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وعن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، بمعنى واحد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الكسوف، ركعتان في كل ركعة ركوعان، وكذلك رواه ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وبه يقول: مالك، والشافعي، وأصحابهما، وهو قول أهل الحجاز، وقول الليث بن سعد، وبه قال أحمد بن حنبل، وأبو ثور".
ولما ذكر الأحاديث التي ظاهرها يؤيد قول الكوفيين، بأن صلاة الكسوف ركعتان مثل صلاة الصبح، قال (٣/ ٣٠٥): "والمصير إلى حديث ابن عباس وعائشة من رواية مالك