"وحديث صفوان وإن كان صحيحًا، لكنه ليس على شرط البخاري".
وعاصم بن أبي النجود: صدوق يهم، وهو حسن الحديث، وأكثر ما انتقد عليه سوء حفظه، إلا أن هذا الحديث من صحيح حديثه، وذلك لأمور:
الأول: أنه يرويه عن شيخه الذي لازمه وقرأ عليه القرآن، وهو زر بن حبيش الأسدي الكوفي، فهما كوفيان، ويقال في مثل هذا، بأنه يحتمل أن يكون سمع منه الحديث مرارًا فحفظه وضبطه، ولا يضره حينئذ تفرده به عنه.
الثاني: أنه لم يختلف على عاصم في إسناد هذا الحديث ولا في متنه اختلافًا يقال معه بأنه اضطرب فيه ولم يحفظه، وأما الاختلاف عليه في رفع ووقف بعض أطرافه، فإن مثله يقع من الثقات، ولا يقدح هذا فيهم، فقد ينشط مرة فيرفعه، ويكسل أخرى أو يتردد فيوقفه، لذا نقول بأن هذا الحديث مع طوله فقد حفظه عاصم، وأقامه، ولم يضطرب فيه.
الثالث: أن في الحديث قصتين مما يؤكد أنه حفظه وضبطه.
الرابع: أن هذا الحديث قد صححه جمع من الأئمة منهم: البخاري والترمذي وابن خزيمة وابن الجارود والضياء المقدسي والعقيلي والخطابي وابن عبد البر والجوزقاني وابن عساكر وغيرهم، واحتج به النسائي.
فهو حديث صحيح، ولم ينفرد به عاصم عن زر، فقد توبع على بعض أطرافه:
١ - رواه الصعق بن حزن، واختلف عليه:
أ- فرواه شيبان بن فروخ [صدوق يهم، ورمى بالقدر، قال أبو حاتم: اضطر الناس إليه أخيرًا. التقريب (٤٤٢)،، وعبد الرحمن بن المبارك [ثقة. التقريب (٥٩٧)]:
كلاهما عن الصعق بن حزن: ثنا علي بن الحكم البناني، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: حدث [حدثني] صفوان بن عسال المرادي قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متكئ في المسجد على برد له [أحمر]، فقلت له: يا رسول الله إني جئت أطلب العلم، فقال: "مرحبًا بطالب العلم، طالب العلم لتَحُفُّه الملائكة وتظله بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضًا حتى يبلغوا السماء الدنيا من حبهم لما يطلب، فما جئت تطلب؟ " قال: قال صفوان: يا رسول الله لا نزال نسافر بين مكة والمدينة، فأفتنا عن المسح على الخفين؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم".
أخرجه النسائي في الكبرى (٨/ ٤٢٢/ ٩٥٨١) مختصرًا. والحاكم (١/ ١٠١)، والضياء في المختارة (٨/ ٤٥ و ٤٦/ ٣٤ و ٣٥)، والآجري في أخلاق العلماء ص (٣٧)، وسقط من إسناده ابن مسعود. والطبراني في الكبير (٨/ ٥٤ /٧٣٤٧)، وابن عدي (٦/ ٣٣٠)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٣/ ١٥٠١/ ٣٨١٨)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٠/ ٣٦٩).
ب- خالفهما: محمَّد بن الفضل أبو النعمان عارم قال: ثنا الصعن بن حزن، عن علي بن الحكم، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، قال: جاء رجل من مراد يقال